كل العالم على الأغلب «مْدَنْدِلْ أذنيْه» لإسرائيل، ويرجو رضاها، ويتجنب غضبها، وهي دولة مارقة، وعنصرية، ودولة قتلة بمعنى الكلمة، ومتمردة على القانون الدولي، وأسوأ مليون مرة من دولة الفصل العنصري المقبورة (جنوب إفريقيا أيام الأربارتهيد) وقد اعتادت أن تضع قرارات الشرعية الدولية في سلة المهملات، وحتى الدول التي تحسن إليها وتساعدها لا تجد غضاضة في التجسس عليها، وإيذائها إن استطاعت، ومصلحتها فوق كل المصالح، وسجل جرائمها بحق الإنسانية والفلسطينيين والعرب تحديدا أكثر وأعظم من أن تحصى، ومع ذلك تستمر في عربدتها وإيذائها لشعوب العالم، ولا تجد من يرفع في وجهها إصبعا، أو يهددها، أو يقول لها قفي عند حدك، باستثناء حركة مستضعفين، يصدق فيها قول الله عز وجل:( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). فلم يكد يدخر أحد عربا أو عجما جهدا بملاحقتها ومطاردتها، وإخراجها من «الشرعية الدولية» ووصمها بما يسمى «الإرهاب» وحتى عرب «الهشك بشك»، لحقوا بالقوم، فآذوها ولاحقوها، وثمة من «يتفلت» لمهاجمتها واستئصالها، والقضاء عليها() بمزاعم شتى، لها أول وليس لها آخر، بل قال لي ذات يوم مسؤول عربي رفيع المستوى جدا، إن مهمته في الحياة هي كسر قدم «حماس» حيث تضعها، فكسره الله وأنهى حياته المهنية بفضيحة مجلجلة بعد أن أدين بالسرقة والحرمنة

نقول، هذه الحركة المستضعفة في الأرض، المحشورة في 362 كيلومتراً مربعاً، لم تزل لديها القوة لتهدد إسرائيل، وتتكلم معها بلغة غير ما ألفت من غيرها، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية «حماس» صلاح البردويل قال أخيرا «إن الاحتلال يريد جر قطاع غزّة لحرب جديدة، ويحاول استفزاز فصائل المقاومة في القطاع لمواجهة عسكرية مقبلة» وبناء عليه، يحذّر القيادي الفلسطيني الاحتلال الإسرائيلي من مواصلة عدوانها وتصعيدها العسكري ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، ويقول إن «المقاومة على أتمّ الجاهزية للرّد على الخروقات الإسرائيلية المتكرّرة». أكثر من ذلك، يقول البردويل إن «المعادلة العسكرية في قطاع غزّة والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي قد تتغيّر، وأن المقاومة بفصائلها المختلفة تملك الآن ما يمكن أن يفاجئ الاحتلال بأيّ عملية عسكرية مقبلة على القطاع». ويمضي إلى القول إنَّ «إسرائيل» تريد خلط الأوراق في المنطقة، عبر تصعيدها العسكري، وإفساد للتهدئة المعلنة في القطاع، وهي «تجرّ المنطقة للحرب وخلط الأوراق والمقاومة – وهنا بيت القصيد - سترد بكل قوّة وحزم».

شكرا يا بردويل، وشكرا يا غزة، والحمد لله أن ثمة في الأمة من بقي يتحدث مثل هذه اللغة، في زمن استنوقت الجمال

نعلم أن إسرائيل ليست أقوى من غزة وحماس والبردويل فقط، بل ربما من مجموع الدول العربية، ومع ذلك نحترم كلام البردويل، ونفرح به ونسر، لأنه يعيد لنا ولو بعضا من التوازن، واحترام الذات، وهو يعيد لنا شيئا من الكرامة والاعتزاز بالنفس

شكرا يا بردويل...


المراجع

ammonnews.net

التصانيف

صحافة  حلمي الأسمر   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية