التجارب السابقة لمجالس النواب مع لجان التحقيق النيابية لا تدعو إلى التفاؤل والطمأنينة؛ هل تذكرون لجنة التحقيق في "الملكية الأردنية" التي شكلها مجلس النواب الحادي عشر، وطار أعضاؤها إلى لندن وروما وباريس ليكشفوا "ميدانيا" على عمل محطات "الملكية" في الخارج، وانتهت مهمة اللجنة بعد الرحلة السياحية؟ هل تذكرون لجنة التحقيق في سد الكرامة التي شكلها مجلس النواب الرابع عشر ورحّلها إلى لجنة تحقيق في المجلس الخامس عشر، وقد مضى على إعادة تشكيلها للمرة الثالثة في المجلس السادس عشر (الحالي) أكثر من ثمانية أشهر.. وعظم الله أجركم؟
لجان التحقيق النيابية كانت تتشكل بدوافع المناكفة أو الاحتواء. وقليلة هي اللجان التي تشكلت بدوافع الرقابة البرلمانية، وفي كل مرة يتم اختيار أعضائها بعناية فائقة لتصل إلى النتائج أو النهايات المرغوبة. وقليلة هي اللجان التي أنهت مهمتها ووصلت إلى نتائج وتوصيات. وكثيرة.. كثيرة هي اللجان التي ماتت ودفنت من دون نعي أو تفسير لأسباب الوفاة.
لجان التحقيق النيابية لم تكن في الواقع أحسن كثيرا من لجان التحقيق الحكومية.
مجلس النواب السادس عشر (الحالي) شكل 12 لجنة تحقيق نيابية، مضى على تشكيلها 6-10 أشهر. لجنة واحدة، هي لجنة "الكازينو"، أنهت أعمالها، أما بقية اللجان فلا يعلم سوى الله سبحانه وتعالى عن مصيرها، وإن كانت تجتمع أو لا تجتمع، باستثناء لجنة "أمانة عمان" التي عملت بنشاط وبدفع من أصحاب مصلحة، وأحالت بطريقة غير نظامية بعض الملفات للحكومة لإحالتها إلى القضاء، من دون علم مجلس النواب أو موافقته.
مناسبة الحديث عن لجان التحقيق النيابية هي قرار مجلس النواب "تفويض" المكتب الدائم بتشكيل لجنة تحقيق نيابية في ملف "سكن كريم"، الذي قررت هيئة مكافحة الفساد تحويله إلى مجلس النواب صاحب الاختصاص لعلاقة أحد الوزراء السابقين بالملف. ومن المعلوم أن ملف "سكن كريم" أصبح ملف رأي عام، والتحقيق فيه أصبح مطلبا للحراك الشعبي وللعاملين في الشأن العام.
وكنت أتمنى أن لا يفوض مجلس النواب صلاحياته للمكتب الدائم بتشكيل لجنة التحقيق في ملف "سكن كريم"، وأن يفوضه فقط باقتراح الأسماء بالتنسيق مع رؤساء الكتل النيابية، وأن يعرضها للمصادقة عليها، كي يطمئن مجلس النواب أن تركيبة اللجنة متوازنة وتعبر عن إرادته. وهذا ليس تشكيكا بصدق نوايا المكتب الدائم، بل لطمأنة الرأي العام بأن المسؤولية جماعية.
هذا بالإضافة إلى أن لي رأيا قانونيا، يشاركني فيه آخرون، يقول بأن ليس للمجلس أن يفوض صلاحياته لأحد من دون نص واضح في النظام الداخلي. وفي هذه الحالة، لا نص أبدا.
كما أنني كنت أتمنى لو أن مجلس النواب حدد مدة زمنية للجنة لإنهاء عملها، حتى لا تلحق اللجنة العتيدة بأخواتها من اللجان الموؤودة أو غير المفعّلة.
نأمل من المكتب الدائم لمجلس النواب أن ينبه إلى الحساسية التي تحيط بملف "سكن كريم"، وأن يشكل لجنة متوازنة وفاعلة تطمئن النواب والرأي العام.
وما دام المكتب الدائم قبل بتفويض مجلس النواب، وأصبح التفويض أمرا واقعا، فإننا نأمل أن يحدد المكتب الدائم للجنة مدة زمنية محددة لإنجاز المهمة. مع ملاحظة أن ملف التحقيق الذي أجرته هيئة مكافحة الفساد وكل أوراق الملف، ستوضع تحت تصرف اللجنة، وهذا سيسهل عملها ويختصر الزمن أمامها.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  ابراهيم غرايبة   جريدة الغد