تجاهل الرئيس أوباما كليا قضية فلسطين الموصوفة بأنها لبّ المشاكل في المنطقة ولم يخصص عبارة واحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط من بين  5700 كلمة في الخطاب الذي استغرق القاؤه 71 دقيقة أمام الكونغرس مساء الاربعاء الفائت، وهو الخطاب السنوي المشهود للرؤساء الأميركيين عن حال الاتحاد في تقليد عريق يدوم منذ أكثر من قرنين.
ثلثا الخطاب ذهب للاقتصاد وتوسع في القضايا الداخلية، أمّا الجزء اليسير المخصص للقضايا الخارجية فقد أشار الى روسيا والصين وخفض الاسلحة النووية كما تناول الارهاب وأفغانستان والعراق وإيران، وتجاهل كليا مفاوضات السلام الفلسطينية الاسرائيلية، وهو بهذا مثّل نكسة للجهود الكبيرة لوضع "القضية المركزية" عربيا في صدارة أولويات الإدارة بوصفها منبع المشاكل ومنبع السلام والاستقرار في المنطقة بل والعالم.
عن العراق قال أوباما إن العملية السياسية تتقدم وهناك انتخابات نيابية قريبة وسوف يتم "بطريقة مسؤولة ترك العراق لأبناء شعبه"، وبحلول آب المقبل ستكون كل القوات الأميركية قد غادرت العراق كما وعد في حملته الانتخابية. وفي أفغانستان ستكون هناك مكافأة للحكم الرشيد وزيادة وتعزيز للقوات وكذلك دعم القوات الأفغانية ليكون ممكنا بدء الانسحاب في تموز 2011. ولم يشر أوباما إلى جهد آخر مركزي تعمل عليه الولايات المتحدة الآن للتمكن من الوصول الى الاستقرار وتحقيق الانسحاب وهو إشراك طالبان وإغراء معظم قادتها بالحصول على مواقع وأدوار، وفي نهاية المطاف إذا تخلت طالبان عن "القاعدة" فالولايات المتحدة مستعدّة لإعطائها دورا رئيسيا في المرحلة المقبلة.
وعندما نتذكر أن أول قرار لأوباما في يوم تسلمه مهام عمله كان تعيين ميتشيل مندوبا له في الشرق الأوسط لمتابعة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يمكن أن نتخيل ماذا يعني عدم الإشارة في الخطاب إلى ما أُنجز في عملية السلام، وقد شرح أوباما في مقابلة صحافية في اليوم التالي وضعه. فقد اعترف أن إدارته بالغت في تقدير قدرتها على إقناع الفلسطينيين والإسرائيليين باستئناف مفاوضات سلام ذات معنى، معربا عن أسفه إزاء هذا الإفراط في التوقعات، ولو كان هناك إدراك مبكر لمثل هذه القناعة، لما رفع سقف التوقعات. واتهم أوباما الطرفين بأنهما غير مستعدين لاتخاذ الخطوات الجريئة اللازمة للمضي قدما في عملية السلام.
هل كان يمكن أن نتوقع رئيسا أفضل من أوباما بالنسبة للفلسطينيين والعرب للمساعدة في الوصول الى حلّ؟! ومع ذلك فقد فشل، وهو لم يعد مستعدا بعد للالتزام بفرضية أن عملية السلام هنا هي الأساس لتحقيق النجاح على النطاق العام وفي المناطق الأخرى، وهي النظرية التي عملنا بكل جد لإقناعه بها. والنتيجة أن الولايات المتحدة سوف تستمر بالطبع بالاضطلاع بدورها في عملية السلام لكن بحدود الالتزام الذي حصلت عليه في الخطاب!!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جميل النمري  صحافة  جريدة الغد