في ورشة عمل مهمّة وحضور محدود قدم لنا د.نواف التلّ، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، بحثا حول النظام الانتخابي في الأردن مخصصا لموضوع توزيع المقاعد في الدوائر الانتخابية. وكما هو معلوم هي قضية حساسة للغاية ليس على المستوى الوطني فحسب، بل ايضا داخل كل محافظة؛ فبعض الألوية تكون كثافتها السكانية أضعاف ألوية مجاورة ويكون لكل منهما مثلا مقعد واحد. والشكوى الرئيسية على المستوى الوطني تدور حول الخلل الفادح في عدالة التمثيل لمناطق الكثافة السكانية والمفهوم ضمنا انها مناطق الكثافة للأردنيين من اصل فلسطيني.
الدراسة بدأت بمقاربة للنموذج النرويجي كبلد تمتد فيه مناطق شاسعة قليلة السكان (المناطق الشمالية القطبية، وهي بمثابة الصحارى عندنا)، وقد توافقت قوى القرار هناك على صيغة تضع معامل المساحة الجغرافية والوضع التنموي الى جانب النسبة السكانية. وجربت الدراسة تطبيق نفس المعامل على الدوائرعندنا فكانت النتيجة نسبة زيادة واسعة لمصلحة 3 محافظات هي عمان ومعان والمفرق، أي المحافظات الثلاث الأكبر مساحة، وتضررت محافظات صغيرة مثل جرش وعجلون والطفيلة. وأكبرالمتضررين نسبة لما تحصل عليه الآن هي الكرك، بينما بقيت الزرقاء واربد كما هما تقريبا.
كان تمرينا رياضيا مفيدا، لأن من يقترحون تطبيق المعيار الجغرافي وفي اعتقادهم انه يخدم تقريبا التوزيع الحالي سيجدون ان الأمر يختلف. وقد اعترض البعض ان المبدأ يجب ان يكون مراعاة البعد عن المركز ومستوى التنمية، وليس اتساع الرقعة الجغرافية التي لا تعني شيئا.
على كلّ، أجرت الدراسة تمرينا لصيغة اخرى تضع معيار عدد السكان اساسا ومؤشرات التنمية البشرية ثانيا، مع اهمال حجم الرقعة الجغرافية، فأعطي لمعيار الثقل السكاني نسبة 70 % ولمعيار التنمية البشرية مثل حجم الانفاق والخدمات وغيرها 30 %. وكانت المفاجأة ان الفروقات عن التوزيع الحالي لمقاعد كل محافظة كان طفيفا باستثناء عمّان التي يجب زيادتها 5 مقاعد، والكرك التي يجب تنقيصها 4 مقاعد، والباقي يحافظ على نسبته أو يزيد أو ينقص مقعدا.
الخلاف نشب بسبب اعتماد الدراسة عدد المسجلين للانتخابات، وليس اجمالي عدد السكان لكل محافظة، وشرح المركز أسبابه بأن احصاءات السكان تشمل ايضا من لا يحق لهم الاقتراع وليس هناك احصائية لفرز هؤلاء، مثل العراقيين والمصريين وأهل غزّة وابناء الضفّة الغربية الذين لا يحملون الرقم الوطني، وكذلك سكان المدن الذين ينتخبون في محافظاتهم، واستثناء هؤلاء بحسب الدراسة يعكس الرقم بصورة معقولة حجم القاعدة الانتخابية في كل محافظة.
بالانتقال الى الجانب العملي، فالمشكلة تكمن في إمكانية تنقيص محافظات وممن يكون التنقيص داخل المحافظة المقسمة الى ألوية كثير منها له مقعد واحد. البعض رأى الحلّ في إلغاء التقسيمات الصغيرة واعتماد معظم المحافظات دائرة واحدة وإجراء تخفيض كلي متناسب لعدد مجلس النواب، بينما رأى آخرون أن التراجع عن حقوق مكتسبة يضرّ السلم الاجتماعي والأسلم اعتماد زيادة نسبية لبعض المحافظات. 

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جميل النمري  صحافة  جريدة الغد