"نحن دعونا إلى انتخابات مبكرة حتّى يكون لدينا قانون انتخاب جديد فيه شفافية ومشاركة أكبر وبرلمان أفضل" . أقتبس هذه العبارة من بين الكثير المهم الذي حفل به حديث جلالة الملك الذي بثته   CNN ونشرته صحفنا أمس. وهي عبارة تردّ على الذين عادوا يتمترسون وراء موقف لا يريد أي تغيير على قانون الانتخابات.
الملك تحدث بقوّة عن الاصلاح وأحد عناصره التي بات مسلما بها ومن أجلها حلّ جلالة الملك البرلمان ودعا الى انتخابات جديدة هو إصلاح النظام الانتخابي من أجل مزيد من "الشفافية" وهو ما تضمنته التعديلات في الإجراءات من لحظة التسجيل في القوائم حتّى فرز النتائج ثم الاعتراضات، ثم مشاركة أكبر، وكما نعلم فان النواب يمثلون نسبة لا تزيد على 27 % من الذين أدلوا بأصواتهم وهؤلاء بدورهم لا يزيدون الا قليلا على نصف المقترعين ويجب على النظام الانتخابي نفسه ان يعالج هذه القضية إلى جانب فرز "برلمان أفضل" وهو ما يعني أيضا تغييرا في قانون الانتخابات لتحسين بيئة الانتخابات وطبيعة المنافسة إلى جانب قضايا أخرى لاحقة منها إصلاح نظام مجلس النواب نفسه.
ولم يفت الملك لفت الانتباه إلى وجود مقاومة للتغيير وقال "في كثير من الأحيان نتقدم خطوتين الى الأمام ونتراجع خطوة الى الوراء. هناك مقاومة للتغيير، هناك مقاومة للأفكار"، ونحن ندعو الذين تحدث عنهم جلالة الملك أن يفتحوا عقولهم وقلوبهم ويستمعوا الى الأفكار وأن لا ينغلقوا على مواقفهم المسبقة ورؤيتهم المغلقة التي ترى بعبعا وراء كل فكرة للتغيير، وأن ينفتحوا على أفكار جديدة بما في ذلك ما يتصل بالنظام الانتخابي وأن لا يبقوا أسرى هواجسهم وشكوكهم.
طبعا أول طراز من الهواجس والشكوك هو أن الإصلاح  يبطن أجندة خارجية تضغط من أجلها أميركا عنوانها الإدماج والتوطين لطيّ صفحة الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وتحويل الأردن بصورة أو أخرى الى وطن، وقد تحولت هذه الى مجرد ذريعة، وردّ الملك أن الاصلاح "ليس أمرا يجب أن ينتظر حتى يتمّ حلّ القضية الفلسطينية الاسرائيلية".
قوى التردد والمراوحة فوتت فرصة الإصلاح قبل الانتخابات الماضية ورأينا ما ترتب عليها حتّى اضطر الملك إلى حلّ مجلس النواب والأمر بانتخابات جديدة بقانون مختلف؛ فهل يعقل أن نخذل الملك ونعطل الإصلاح أربع سنوات أخرى؟!
قانون الانتخابات هو رافعة للإصلاح لكن ليس وحده طبعا، فالعملية في المدى المباشر والقريب تعتمد على منظومة عمليات من بينها طبعا مشروع اللامركزية الذي تحدث عنه الملك أيضا. لكن مستقبل الإصلاح استراتيجيا يتعلق بـ "التعليم"، نعم التعليم، وقد كررها جلالة الملك ثلاثا، لكنّ لهمّ التعليم حديثا آخر.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جميل النمري  صحافة  جريدة الغد