قنبلة صامتة ألقاها في الوسط الإعلامي وغير الإعلامي خبر اللقاء "السرّي" بين نائب الرئيس الأميركي جو بايدن وعدد من ممثلي "المجتمع المدني". والطريف أنه سرّي رغم البيان القصير الذي صدر حوله من السفارة الأميركية، إذ لم يتمكن أحد حتّى الساعة من معرفة أي شيء عنه وكيف ترتب ومن الحضور ولماذا وكيف تمّ اختيارهم، ولا يبدو أن أحدا في السفارة الأميركية يرغب أو مخول بقول شيء، وكذلك الأمر بالنسبة للمشاركين المجهولين، وكان قد تمّ تداول بعض الأسماء التي نفت لاحقا مشاركتها في الاجتماع. وهكذا فالتكتم بذاته تحوّل الى قضيّة كبيرة ما تزال تتفاعل بعد يومين على اللقاء.
ولدينا الملاحظات الأولية التالية:
1 - من حيث المبدأ، ليس هناك مشكلة في أن يلتقي الضيوف الأجانب مع ممثلين عن الوسط الأهلي عندنا أكان الوسط الأكاديمي أو الاعلامي أو النسائي أو "منظمات المجتمع المدني"، على ما في هذا التعبير الأخير من التباس، ونفترض أن يكون هذا اللقاء قد أدرج بروتوكوليا ضمن برنامج الزيارة بعلم الخارجية الأردنية، وعلى كل حال كثيرا ما تنظم السفارة لقاءات لفاعليات مع مسؤولين يزورون الأردن، وجلالة الملك عندما يزور الولايات المتحدّة يلتقي مع ممثلين عن قطاعات مختلفة، لكن اللقاءات تكون في العادة مخصصة لمخاطبتهم بقضايانا وتعريفهم بها ومناقشتهم حولها.
2 - نفترض أن ادارة أوباما مهتّمة بتمييز نفسها عن الزئير الديمقراطي المخيف لإدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش التي ظهرت تدخلية بصورة شديدة الفظاظة عبر مشروع "الشرق الأوسط الكبير"، وخطاب الإدارة الحالية يعلن الالتزام بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان لكن بطريقة تقوم على الاحترام المتبادل والشفافية.
3 - مع ذلك فالولايات المتحدّة هي القوّة العظمى التي ترعى غيرها وتقدم للأردن مساعدات متعددة حكومية وغير حكومية، ومن بينها مساعدات تتعلق بتطوير المؤسسات والديمقراطية وتمويل تقدمه هيئات أميركية مختلفة إلى "مؤسسات" أهلية وبعضها في الواقع مجرد مراكز شخصية مسجّلة كشركات غير ربحية وهي ربحية للغاية من دون أي دوافع حقيقية تجاه قضية الإصلاح، وتحترف التعامل مع الجهات المانحة للمال، والمردود الحقيقي لعملها هو إفساد العمل العام.
4 - في كل الأحوال يمكن لبضعة أشخاص ينفذون هذه البرامج أن يلتقوا كما شاؤوا للحديث والتنسيق مع مندوب من الجهة المانحة أو أي جهة أميركية مسؤولة، لكن نحن هنا نتحدث عن نائب رئيس الولايات المتحدّة الأميركية!! ونفترض أن لقاء خارج برنامج اللقاءات الرسمية مع شخصية بهذا المستوى هو حدث بارز يستحق ترتيبات علنية ومميزة شكلا ومضمونا! فهل من المعقول أن يقزّم اللقاء بهذه الصورة الغريبة؟ أن يجرى بهذا التكتم! وداخل السفارة! وبمشاركة ضيقة! ومن أشخاص مجهولين؟!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جريدة الغد   جميل النمري  صحافة