امتلأت الصحافة الاسرائيلية في الأيام الماضية، بمقالات ترسم صورة بائسة لأجواء العلاقة مع الولايات المتحدة ونتائج زيارة نتنياهو غير الموفقة، والطريقة الجافة أو حتى المهينة التي عومل بها من البيت الأبيض، وخطط طاقم الإدارة لإحداث تغيير في اسرائيل، لكن كتابات أخرى تولت الدفاع عن نتنياهو أو التهوين من الخلاف، وقالت هآرتس أول من أمس إن مسؤولا في البيت الأبيض اتصل مع ممثلين من الجالية اليهودية يطمئنهم أن الإعلام يبالغ في حجم التوتر في العلاقة بين الطرفين. وقد يكون الاتصال حدث، لكن التصريحات الأميركية العلنية نفسها تحاول دائما التهوين من الخلاف، والتأكيد على عمق العلاقة والالتزام الكامل والمطلق بأمن اسرائيل، في إطار تحييد لوبيات النفوذ اليهودي وتقليل استنفارها لصالح نتنياهو.
بعد النجاح التاريخي لمشروعه للتأمين الصحّي، وإنجاز الاتفاقية مع روسيا حول الأسلحة النووية، وهي قيد التوقيع في الأيام المقبلة، ونجاح الانتخابات العراقية، يبدو أوباما في وضع قوي ومريح الآن في مواجهة نتنياهو، والمنطق القوي للإدارة يقوم على أن حل الدولتين مصلحة أمن قومي لتخفيض عداء العالم العربي والإسلامي للولايات المتحدة التي ينتشر جنودها بين العراق وأفغانستان، وهي تحتاج من إسرائيل خطوات إيجابية نحو السلام.
إذا استمر التصلب الاسرائيلي، قد لا تفعل الإدارة شيئا خطيرا، وقد لا تنجح في قلب حكومة نتنياهو، لكنها ستكون أكثر تساهلا وتماشيا مع التحركات الدولية التي قد تتوج باعتراف من الأمم المتحدّة بالدولة الفلسطينية على حدود 67، والتمكن من الوصول الى هذه النتيجة مع ادارة أوباما في ولايتها الأولى هو جوهر الخطّة الفلسطينية، اذا لم تكن جهود التسوية قد وصلت الى نتيجة إيجابية خلال الفترة نفسها. هل هو الرهان كالعادة على الجهود الدبلوماسية؟!
أبدا، إذ نلاحظ هذه الأيام أن الفلسطينيين بدأوا يضعون موضع التنفيذ برنامج "المقاومة الشعبية"، إلى جانب عملية البناء التي تقوم عليها حكومة سلام فياض. إعادة الاعتبار للمقاومة الشعبية هو الحلّ. وبالطبع تواجه اسرائيل الفعاليات الشعبية بالقمع، وسترد باعتقال القيادات المشاركة كما فعلت مع عباس زكي قبل يومين، لكن المردود السياسي لهذه الحركة المناهضة للاحتلال وللاستيطان وللجدار العنصري، سوف يظل يصب مباشرة في الصالح الفلسطيني والمطلب السياسي لإزالة الاحتلال، بوجود المفاوضات أو من دون وجودها، وهي يمكن أن تتوسع وتتعمق من دون أن تؤذي عملية البناء وتقوية مؤسسات الدولة على الأرض التي تحظى بدعم المجتمع الدولي وتقوده بالضرورة، إذا تعثرت المفاوضات إلى نفاد الصبر مع الاحتلال، واللجوء إلى إجراءات اعتراف رسمي بالدولة وحدودها من قبل الدول ومن قبل المنظمة الدولية.
هذه هي تقريبا خطة فياض، الذي قال في مقابلة مع صحيفة هآرتس الجمعة إن المفاوضات اذا تعثرت حتى آب 2011 لأي سبب، فإن الوقائع على الأرض ستبني الرصيد الكافي لميلاد الدولة الفلسطينية.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جريدة الغد   جميل النمري  صحافة