أقترح إجراء ما يمكن أن نطلق عليه "المراجعة النصفية" للأجندة الوطنية، وهي المراجعة التي تجري في منتصف الفترة الزمنية لمشروع ما، ونحن تقريبا في منتصف عمر الأجندة وهو عشر سنوات.
منذ وضعت الأجندة، حدثت الكثير من الأمور التي لم تكن في الحسبان، ومن المؤكد أنها أثّرت على التطور اللاحق كله. فلم يكن بالحسبان الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على المنطقة وعلينا، ولا الكثير من التطورات السياسية المحلية والإقليمية، وهناك عدّة أهداف من الاقتراح، الأول هو دراسة كيف تتغير الحياة والأولويات وزوايا النظر مع تغير الزمن، والثاني مقارنة التطبيق مع الخطط والأهداف والآليات التي وضعت والثالث بالنتيجة تقييم جدوى وضع اسراتيجيات طويلة المدى وأين يكون الخلل، والهدف الأخير والضروري هو تحديث الأجندة وإعادة جدولة النصف الثاني أي السنوات الخمس المقبلة من الأجندة. ثم إننا بحاجة إلى إعادة الاعتبار والثقة لما نقوم به، فتكون الرسالة أن الجهود التي تبذل لوضع خطط ورؤى مستقبلية ليست عملية عبثية ومضيعة للوقت، والحكومة الحالية التي تفتح مرحلة جديدة في حياة البلد، بحاجة الى وضع رؤية ويمكن أن تكون هي عملية التحديث التي تجرى على الأجندة، عملية تحديث تأخذ بالاعتبار الدروس المستفادة من النصف الأول من عمر الأجندة وجوانب الخلل التي وقعت.
ولعلّ واحدة من الدروس هي حول طريقة صياغة استراتيجية أو خطة لعدد طويل من السنوات، فنحن نجد في بعض المحاور إغراقا في التفاصيل، وبالعكس أحيانا أي هناك اغراق في العموميات. والدرس الثاني في المنهج قد يكون من المستحيل توقع تطورات تؤثر على الأهداف والأولويات، لكن ما هو باليد في كل الظروف والأحوال هو منهج العمل، إذ يكفي أن يكون التطوير المقصود متعلقا بإرساء أعراف وترسيخ تقاليد قويّة وصارمة في العمل والمسؤولية والمساءلة في المراجعة والتقييم عابرة للحكومات.
المحور الذي طغى على سواه وظلمت الأجندة بسببه، هو محور الإصلاح السياسي؛ إذ إن محتواه لم يعجب كثيرين، فهوجمت الأجندة بسببه وبدا أنها وضعت على الرف، لكن في مناسبات عديدة ومن الحكومات نفسها أعيد لها الاعتبار واعتبرت مرجعا لبرامج العمل، ولكنني لا أعرف الآن كيف تستمر كذلك مع كل التحولات والمستجدّات التي قلبت الأولويات، ومنها عودة المديونية العالية وعجز الموازنة الفادح وسياسة التقشف التي ينبغي متابعتها لسنوات.
يمكن تكليف باحثين بعملية المراجعة والتقييم لما حدث في التطبيق للنصف الأول من عمر الأجندة، يوضع تحت تصرف لجنة مختصّة رفيعة المستوى حكومية وأهلية، قد تضم شخصيات من التي عملت في حينه في الأجندة، وبينهم من هم في مواقع المسؤولية الآن للقيام بعملية التحديث للنصف الثاني من الأجندة
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جميل النمري صحافة