شهب تبين فما تأوب فكأنها حبب يذوب 
أرأيت في كأس الطلا دررا وقد صعدت تصوب 
هو ذاك في لج الدجى طفو الدراري والرسوب 
كل إلى أجل وعقبى كل طالعة وقوب
 
أليوم نجم من نجوم الشعر أدركه الغروب
 
وثبت به في أوجه الأسنى فغالته شعوب 
لقي الحقيقة شاعر ما غره الوهم الكذوب 
أوفى على عدن وما هو عن محاسنها غريب 
كم بات يشهدها وقد شفت له عنها الغيوب 
يا خطب إسماعيل صبري ليس تبلغك الخطوب
 
جزع الحمى لنعيه وبكاه شبان وشيب 
أي صاحبي لقد قضى أستاذنا البر الحبيب 
فعرا قلادتنا وكانت زينة الدنيا شحوب 
إني لأذكر والأسى بين الضلوع له شبوب 
عهدا به ضمت فؤادا واحدا منا الجنوب 
إذ بعضنا من غير ما نسب إلى بعض نسيب 
وبغير قربى بيننا كل إلى كل قريب 
ألشعر ألفنا فما اختلف العريق ولا الجنيب
 
والفن يأبى أن تفرقه المواطن والشعوب
 
مستشرف لا السلم طلاع إليه ولا الحروب 
يضفي به الضوء الهلال ويبسط الظل الصليب 
لو دام ذاك العهد . . لكن هل ليوم رضى عقيب
 
يا مصر قام العذر إن يقلق مضاجعك الوجيب 
وعلى فقيد كالذي تبكين فليكن النحيب 
مات الأديب وإنه في كل معنى للأديب 
مات المحامي عن ذمارك مات قاضيك الأريب 
مات الأبي وتحت لين قوله الرأي الصليب
 
مات الذي تدعوه داعية الولاء فيستجيب 
مات الذي ما كان مشهده يذم ولا المغيب
 
مات الذي ما كان في أخلاقه شيء يريب 
مات الذي منظومه لأولي النهى سحر خلوب 
ألضارب الأمثال ليس له بروعتها ضريب
 
هل في الجديد كقوله المأثور والمعنى جليب
 
آهان لو عرف الشباب وآه لو قدر المشيب 
شعر على الأيام يرويه مردده الطروب 
وكأنما في أذن قارئه يغني عندليب 
كل المعاني معجب ما شاء والمبنى عجيب 
ناهيك بالألفاظ مما جود اللبق البيب
 
كالدر مكن في العقود وللشعاع به وثوب 
ديباجة كأدق ما نسجت شمال أو جنوب 
فيها حلى جد الفواتن وشيها واش لعوب 
آيات حسن كلها صفو وليس بها مثوب 
في رقة النسمات بالعبق الذكي لها هبوب
 
تستافها رأد الضحى ويظلك الوادي الخصيب 
في بهجة الزهرات باكرهن مدرار سكوب 
فاللحظ يشرب والندى مشمولة والكم كوب 
كنسيبه الأخاذ بالألباب فليكن النسيب
 
وكمدحه المدح الذي أبدا له ثوب قشيب 
وكوصفه الوصف الذي عن رؤية الرائي ينوب 
يتناول الغرض البعيد إذا البعيد هو القريب 
أو يبرز الخلق السوي فللحياة به دبيب 
كل يصادف من هواه عنده ما يسطيب 
فكأن ما تجري خواطره به تجري القلوب 
لله صبري وهو للغة التي انتهكت غضوب
 
بالرفق ينقد ما يزيف المخطئون ولا يعيب
 
في رأيه اللغة البلاد أجل هو الرأي المصيب 
يودي الفصيح من اللغات إذا غفا عنه الرقيب 
أفديك فارقت الحياة وغيرك الجزع الكئيب 
جارت عليك فضاق عن سعة بها الذرع الرحيب 
تلك الحياة وما بها إلا لأهل الخبث طيب 
كم بت في سهد وأنت لغاية شقت طلوب 
جواب آفاق المعارف والأسى فيما تجوب
 
حتى تحصل ما تحصل من فنون لا تثيب
 
وجزاء كدك ذلك الداء الدوي به تثوب
 
ألكاتب العربي مهما يدهه فله الذنوب
 
إن لم يصب مالا وكيف وتلك بيئته يصيب
 
فالفضل منقصة له وخلاله الحسنى عيوب 
ويمر بالعيش الكريم وما له منه نصيب
 
فإذا قنى مالا كما يقني لعقباه الحسيب 
حذر المهانات التي متقدموه بها أصبيوا 
أفنى بمجهودته قوته وأرداه اللغوب 
قتلا بنفث دم قتلت وعج مرقدك الخصيب
 
فثويت في اليوم المنجي واسمه اليوم العصيب
 
وبحق من كنت المنيب إليه يا نعم المنيب
 
لأخف من بعض المقالة ذلك الموت الحزيب 
أعني مقالة كاشح في قدرك العالي يريب 
ممن يهش كما تثاءب وهو طاوي الكشح ذيب 
شر الأنام الباسمون وفي جوانحهم لهيب 
ألمدعون البحث حين القصد منهم أن يغيبوا
 
متنقصو محسودهم وله التجلة والرجوب 
فئة تنال من الفتى ما لم تنل منه ألكروب 
لفخاره تأسى كأن فخاره منها سليب
 
قالت لتضليل العقول وليس كالتضليل حوب 
صبري مقل ورده عذب وآفته النضوب 
أخبث بما أخفوا وظاهر قصدهم عطف وحوب 
ما الشعر يا أهل النهى والذكر ديوان رغيب 
من يسأل الحصري وابن ذريق فاسمهما يجيب
 
أزهى وأبهى الورد لا يأتي به الدغل العشيب 
ماذا أجاد سوى القليل أبو عبادة أو حبيب
 
لو طبق السبع النعيب أيطرب السمع النعيب
 
أو لم يطل شدو وشاديه الهزار أما يطيب 
ألشعر تلبية القوافي والشعور بها مهيب 
وبه من الإيقاع ضرب لا تحاكيه الضروب 
هو محض موسيقى وحسات تصورها الضروب
 
هو نوح ساقيه شكت لا قدر ما يحوي القليب 
هو ما بكاه القلب لا معيار ما جرت الغروب
 
هو أنة وتسيل من جرائها نفس صبيب 
عمدوا إليك وأنت ميت ذاك بأسهم الغريب
 
ولقد تراهم ساخرا منهم وأشجعهم نخيب 
خالوا رداك إباحة خابوا ومثلهم يخيب 
فاذهب أبا الشعراء فخرك ليس ضائره الذهوب
 
أما بنوك فعند ظن النبل أبرار ندوب
 
نم عنهمو ومقامك العالي وجانبك المهيب
 
لك في النهى بعد النوى شفق ولكن لا يغيب 
 
 
هل أعجبتك القصيدة؟ اضغط زر (اعجبني) لتشارك آلاف المعجبين
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

المراجع

الموسوعة العالمية للشعر العربي

التصانيف

أدباء