ماذا أصاب أباك الشيخ واحربا وكنت بهجته في العيش والأربا
وكان في آخر الأيام مطعمه أن تستديم له في قومه عقبا
تركته والها قد أرعشت يده والقلب محترق والدمع قد نضبا
ينوء ثكلا وقبل الثكل لا نصبا شكا وإن جل ما يلقى ولا وصبا
هذا جزاؤك يا أوفى البنين لمن في كل ذي ولد كان الأبر أبا
كلا ولكن حكما لا مرد له شجا بني الشرق في النجم الذي غربا
وليس ذنبك أن الموت من قدم يعاجل النخب الأخيار والنجبا
أنطون عوجل في شرخ الشباب فهل في الربع أنس وأنس الربع قد ذهبا
قد كان من خير فتيان الحمى خلقا وكان من خير فتيان الحمى أدبا
وكان في أولياء العدل مفخرة لا يلتوي رغبا أو ينثني رهبا
وكان في نجدة داعية بلا مهل في نصرة الحق هان الأمر أو صعبا
وكان أيمن من يرعى لأمته عهدا إذا انتدبته أو إذا انتدبا
وكان في موقف الفخر الجدير به ما يدعي حسبا أو يدعي نسبا
أليس منجبه ذاك الكفيل بما يكفي العفاة وذاك الحازم الأربا
معاهد الخير لن تنسى لجرجسها ما استوهب الناس للحسنى وما وهبا
بنى لهم بمساعيه وهمته من المآثر ما يقضي له عجبا
يسومه البر ألوان العناء فما يبهى ويستأنف المجهود ما وجبا
قل الأماجد من هذا الطراز وهل يفوز بالمجد من لم يحكم السببا
انظر إلى عظماء القوم في جزع كأنهم سلبوا الذخائر الذي سلبوا
توافدوا ليواسوه بأحسن ما أوحت محامده الأشعار والخطبا
يا من نعزيه عن فقد الحبيب وما نأى الحببب الذي من ربه قربا
أين النعيم بجنات مخلدة من بؤس دنيا يعاني أهلها الكربا
سبحان من في مدار الكون يشهدنا فيما يصرفه الأنوار والسحبا
يجلو الشموس ويطويها بقدرته وفي رحاب علاه ينقل الشهبا
اسم القصيدة: ماذا أصاب أباك الشيخ واحربا.
اسم الشاعر: جبران خليل جبران.
المراجع
poetsgate.com
التصانيف
أدباء الآداب شعر