إرْبَأْ بِنَفْسِكَ أَنْ تَكُونَ نَجِيبَا وازْجُرْ خَلِيلَكَ أَنْ يَكُونَ أدِيبَا
فَلَقَدْ أَرَى مَوْتَ الأَدِيبِ حَيَاتَهُ وَالْعَيْشَ مَوْتَاً يَلْتَقِيهِ ضُرُوباً
وَأَرَى جَوَائِزَ فَضْلِهِ وَعُلُومِهِ إِعْسَارَهُ وَالدَّاءَ وَالتَّعْذِيْبَا
يَا لَلذَّكَاءِ يُنِيرُنَا بِضِيَاِئهِ وَيَكُونُ لِلجِسْمِ المُضيءِ مُذِيبَا
يَا لَلْعُلُومِ نَظُنُّهَا نِعَماً لَنَا فَنُصِيبُهَا نِقَمَاً لَنَا وَخُطُوبَا
مَاذَا أَفَادَكَ أَنْ تَكُونَ مُحَرِّرَاً وَمُحَبِّرَاً وَمُفَوَّهاً وَلَبِيبَا
مَاذَا أَفَادَكَ كُلُّ نَظْمٍ شَائِقٍ لَفْظَاً وَمَعْنىً رَائِقٍ أُسْلُوبَا
مِنْ كُلِّ مُبْتَكَرٍ أَغَرَّ مُحَجَّبٍ إِلاَّ عَلَيْكَ فَلَمْ يَكُنْ مَحْجُوبَا
وَمُجَدَّدٍ كَالدُّرِّ يُبْدَلُ صَوْغُهُ فَتَخَالُهُ عَيْنُ الخَبِيرِ قَشِيبَا
نَظْمٌ تَزِيدُ بِهِ الحَقِيقَةَ رَوْنَقَاً وَتُعِيدُ مُبْتَذَلَ الأُمُورِ غَرِيبَا
كَالشَّمْسِ يَسْطُعُ نورُهَا فِي حَمْأَةٍ فَيُحِيلُ قَاتِمَ لَوْنَِهَا تَذْهِيبَا
يَا خَيْرَ مَنْ خَطَّ الرَّثَاءَ لَوَ أَنَّهُ يَجْرِي لَسَالَ مَحَاجراً وَقُلُوبَا
هَلاَّ نَعَيْتَ بِهِ شَبَابَكَ قَبْلَ أَن تُنْعَى مُحِبَّاً رَاحِلاً وَحِبِيبَا
يَا نَاسِجاً بُرْدَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي تَرْمِي بِهَا الْغَرَضَ الشَّرِيفَ مُصِيبَا
هَلاَّ قَصَصْتَ حَدِيْثَ شَهْمٍ لَمْ يُصِبْ غَيْرَ الشَّقَاءِ مِنَ الذَّكَاءِ نَصِيبَا
غُصْنٌ نَمَا حَتّى زَكَتْ أَثْمَارُهُ فَرَمَاُ كَيْدُ زَمَانِهِ مَقْضُوبَا
فَمَضَيْتَ مَبْكِيّاً وَمَا يُغْنِيكَ لَوْ أَنَّ مَلأْنَا الخَافِقِينِ نَحِيبَا
هَذَا جَزَاؤُكَ فَاضِلاً فِي أُمَّةٍ مَا زَالَ فِيهَا الأَلْمَعِيُّ غَرِيبَا
يَتَفَكَّهُ النَّفَرُ الأَفَاضِلُ مِنْهُمُ بِجَنَ حَيَاتِكَ شَاعِراً وأرِيبَا
يَتَفَكَّهُونَ بأحْرُفٍ أَوْدَعْتَهَا تَلْخِيصَ عُمْرِكَ مَشْرٌقاً وَمَغِيبَا
مَهْلاً وَدَاعِكَ لِلْحَيَاةِ تَخَطُّهُ مِنْ مُهْجَةٍ كَادَتْ تَجِفُّ نُضُوبَا
نَفَثَاتُ مَصْدُورٍ عَلَتْ زَفَرَاتُهُ حَتَّى نَرَى التَّصْعِيدَ وَالتَّصْوِيبَا
عَبَرَاتُ مُحْتَضَرٍ يُضِيءُ كَشَمْعَةٍ تَفْنَى وَتُرْسِلُ دَمْعَهَا مَسْكُوبَا
كَلِمٌ كَسَتْهُنَّ الْكَآبَةُ لَوْنَهَا فَحَكَيْنَ أَنْوَارَ الزَّوَالِ غُرُوبَا
فَارْقُدْ كَمَا أحْرَى الرَّدَى وَهْوَ الكَرَى أَنْ يُسْتَطَابَ عَلَى الأَسَى فَيَطيبَا
أَلْقَبْرُ أَفَضَلُ الفَتَى مِنْ مَضْجَعٍ فِيهِ يُقَلَّبُ مُوجَعاً تَقْلِيبَا
وَجَلاَمِدُ الأَرْمَاسِ أَهْوَنُ مَحْمِلاً مِنْ أَنْ يُحَمَّلَ مِثْلَهُنَّ كُرُوبَا

 

اسم القصيدة: إرْبَأْ بِنَفْسِكَ أَنْ تَكُونَ نَجِيبَا.

اسم الشاعر: خليل مطران.


المراجع

adab.com

التصانيف

أدباء   الآداب