قرر مجلس الوزراء إعفاء شركة العبدلي من ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية، وتقسيط رسوم نقل الملكية على الأجانب الراغبين في شراء وحدات سكنية في مشروع العبدلي، وإعفاء الشركات المستثمرة في منطقة العبدلي من الرسوم الجمركية على جميع السلع التي يتم شراؤها أو استيرادها، وإعفاء جميع العاملين الذين سيعملون في تلك المشاريع من ضريبة الدخل وضريبة الخدمات الاجتماعية.
أعتقد أنه قرار من مجلس الوزراء ينسف الجدل الدائر حول مشروع قانون الضريبة، كيف سيناقش المواطنون والنواب من يعفي ومن يكلف، ماذا ستقول الحكومة للمواطنين وهي تجبي منهم الضرائب على نحو يثقل كاهلهم، وفي الوقت نفسه تعفي الأجانب الذين يشترون عقارا، أو تعفي شركة تعمل في توفير عقارات للمستثمرين الأجانب، أو تعفي شركات سيكون 70% من العاملين فيها أجانب، وحتى نسبة الـ 30% على ضآلتها وإجحافها فلا نعلم عن مدى الالتزام بها، وربما تكون في مستواها ونوعيتها ضمن فئة محدودة ومحددة.
الشركة وزبائنها وموظفوهم الذين سيكلفون الوطن مئات الملايين من الإعفاءات والخدمات واستخدام المرافق والبنى لن يقدموا إلى البلد إضافة اقتصادية وإنتاجية، لا يعملون في الصناعات الأساسية التي يحتاجها الوطن وتستحق الإعفاء، ولن يساعدوا في توفير بدائل للطاقة المكلفة والمرهقة، ولن يساعدونا في الري بماء البحر أو زراعة الصحراء، ولن يساعدونا في تقديم تقنيات وخبرات جديدة تزيد مشاركة المواطنين في اقتصاد المعرفة، ولن يساعدوا في الحصول على مصادر جديدة للمياه ولا في استصلاح الأراضي الزراعية، ولن يوظفوا الكفاءات العلمية والمهنية الأردنية (والذين يدفعون الضريبة وضرائب على الضريبة) وسيحصلون في مقابل الإعفاء غير المبرر وغير المفهوم على بيئة مجانية من المرافق والخدمات وسيشربون مياهنا ويتمتعون بالخدمات التي تمولها ضرائب المواطنين.
بصراحة لا يمكن أن أصدق أن إعفاء لمستثمر أجنبي أو وطني جلب منافع اقتصادية وتنموية على البلد، وأتحدى أن يكذب هذه المقولة أحد من الناس، ففي مقابل تشغيل عدد من العمال يحصل المستثمرون على تسهيلات وإعفاءات ويرهقون البنى والخدمات والبيئة والموارد العامة ويفوتون على الخزينة فرصا كبيرة من الموارد.
هذه الإعفاءات تؤدي إلى شعور هائل بالغبن والظلم وانتقاص المواطنة وانعدام التنافس العادل على الفرص والموارد، والتوزيع الظالم على الأعباء، فيتحمل المواطنون الفقراء في أغلبهم تمويل الموارد العامة والفواتير الهائلة لأجل فئة مدللة معظمها من الأجانب لا يعرف أحد لماذا يعفون وماذا يستفيد الوطن والمواطنون من إعفائهم.
لا يحتاج الوطن حسب رؤية التركيز على الزراعة والطاقة البديلة وتوفير المياه وحماية البيئة والتنمية المستدامة والمتجددة والاهتمام باقتصاد المعرفة لا يحتاج إلى استثمارات وشركات أخرى، ولا يحتاج إلى استثمارات وكفاءات اجنبية تعمل في غير هذه المجالات وفي حالات من النقص والعوز الوطني لمثلها، ويمثل هذا الإعفاء اتجاها مضادا لرؤية العدالة الضريبية، ويزيد من فجوة الثقة بين الحكومة والمواطنين، هذه الثقة التي تحتاجها الحكومات والمجتمعات أيضا لأجل بناء شراكة في مرحلة يهتم العالم كله بها وتقوم على الثقة والمسؤولية الاجتماعية، كيف سنصدق مقولات المسؤولية الاجتماعية في ظل الامتيازات الظالمة والهائلة، وما حاجتنا للعمل الاجتماعي لشركات لا تدفع الضريبة، التي تمثل الحد الادنى للالتزام الاجتماعي، وما نفعنا بعد أن تحصل الشركات على خيرات البلاد ومواردها أن تقدم حقيبة مدرسية لأحد الطلاب مصحوبة بصور إعلامية مبالغ فيها ومشحونة بالمن والأذى والإهانة.
وأخيرا فإن هذا القرار هو تجاهل لوعي المواطن ورأيه بل هو أبعد من ذلك بكثير، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة ابراهيم غرايبة جريدة الغد