أحد التعليقات على موقع "الغد" طرحت عليّ الأسئلة الاستنكارية الآتية: هل من الممكن، يا أستاذ، أن ترشدنا عن الاسباب التي تجعل المواطن ينتخب؟ ما هي الدوافع للشباب للتوجه لصناديق الانتخاب؟ من هو النائب الذي سيختلف عن النواب الآخرين والذي سيحاول أن يقوم بالتغيير؟
أنا لا اريد التبشير بادّعاءات بعيدة عن الواقع، ولا تقديم موعظة نظرية عن أهمية الانتخاب، وعن الديمقراطية والمشاركة ودور الشباب، فتجربة الناس مع الانتخاب ومجلس النواب لا تسرّ، ومن دورة لأخرى كانت القناعة تتراجع بأهمية الانتخابات في التغيير وتقرير المستقبل. وفي استطلاع مركز الدراسات في الجامعة الأردنية قرأنا أرقاما مؤسفة عن نسبة عرض المال لشراء الأصوات في الانتخابات الماضية (42 % من الذين انتخبوا يعرفون عن أشخاص قاموا ببيع أصواتهم) ، وما يمكن أن نطلق عليه التصويت السيئ يتفاقم بقدر ما تتراجع الثقة بأهمية الانتخابات وتضمر الدوافع الإيجابية للمشاركة.
في الاستطلاع نفسه، فإن نسبة من قرروا سلفا مقاطعة الانتخابات المقبلة هي 24 % مقابل 67 % يريدون أو يرجحون المشاركة، وبالنظر الى معدل المشاركة في الدورات الماضية وكان يتراوح حول 55 %، يمكن قراءة هذه النتيجة إيجابيا؛ لكن هل ستذهب هذه النسبة فعلا للاقتراع؟ هذا يعتمد على المناخ العام للانتخابات المقبلة. ورغم أننا نصف الانتخابات إجمالا بالعشائرية فإن أكثر من نصف الناخبين ينتمون الى عشائر وعائلات لا تقدم أي مرشح، وهؤلاء يختارون مرشحيهم بقرار فردي أو عائلي وليس عشائريا. التصويت العشائري موجود لكنه لا يمثل أغلبية الناخبين، والمشكلة هي في غياب الطابع السياسي للانتخابات، وحسب الاستطلاع فان 31 % انتخبوا على أساس صلة القرابة أو توجه العشيرة و16 % بسبب مساعدة وخدمات، ويبقى أكثر من النصف موزعين على اعتبارات مختلفة، لكن عند السؤال عن الصفات التي تدفعهم لاختيار المرشح تم ذكر التواضع والجرأة والثقافة بنسب بين 84 % و 75 % وصلة القرابة بنسبة 36 %.
إن نوعية المرشحين والمناخ العام السائد يمكن أن يساهما في رفع سوية الانتخابات، وكنّا نريد نظاما انتخابيا يتيح تشكيل قوائم ذات لون سياسي، وإذ لم يتحقق هذا نلاحظ توجها ذاتيا لإعلان قوائم ذات لون سياسي ويجب تشجيع ذلك بقوّة. إن أحد أشكال رفع سويّة الانتخابات هو أن لا يظهر المرشحون مجرد افراد معزولين، لا شأن لهم بشيء خارج دوائرهم، حيث ينشدون ود الناخبين للحصول على منصب النيابة! نريد أن نرى كل المرشحين المحتملين يساهمون في تشكيل قوائم. الأحزاب السياسية كما هو واضح ستشارك في الانتخابات، وجبهة العمل الاسلامي ستقدم قائمة، وحزب التيار الوطني أعلن نيته تشكيل قائمة، وأتوقع ان ثلاث قوائم أو أربعا أخرى يمكن ان تمثل التيارات القومية واليسارية والوطنية والليبرالية، أو تقاطعات بينها. ويمكن ان تنضوي تحتها الأغلبية الساحقة من المرشحين. وبهذه الصيغة يمكن إدارة حملات انتخابية بنكهة مختلفة، وللحديث صلة.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جميل النمري صحافة