إذا افترضنا أن الحكومة ستنجز نسبة 100 % من أهدافها وخططها للعام 2010، وتوزعت نسبة الإنجاز على أشهر العام بالتساوي، فهي ستكون خلال الأشهر الخمسة الأولى المنصرمة من هذا العام 41.66 %، وبتقريبها الى أقرب رقم صحيح تصبح 42 %، وهو بالضبط الرقم الذي أعلنته الحكومة لنسبة الإنجاز لخططها وبرامجها منذ بداية العام، كما جاء في المؤتمر الصحافي، الذي عقدته الحكومة أمس بحضور نائب الرئيس وزير الداخلية نايف القاضي وسبعة وزراء.
من حيث الأرقام، كان هناك وفرة ليس في الأرقام المالية والاحصاءات، بل في النسب المئوية المفصلّة للإنجاز، فقد قدمت نسب مئوية لحجم الإنجاز في كل بند من البنود، وهي تراوح حول الخمسين بالمائة، وترتفع أو تنخفض تحت الثلاثين أو فوق السبعين بالمائة، ثم المعدل العام لهذه النسبة في كل محور من المحاور السبعة، التي تكفلت بها الحكومة بناء على كتاب التكليف السامي، ثم المعدل العام أو العلامة الكلية التي حصّلها الحكومة على عملها كله وهي جاءت حسب الرقم المذكور آنفا.
ويمكن التفكير أن الرقم سيكون أكثر مصداقية، لو كان أدنى أو أعلى، لكن كيف تختار الحكومة هذا أو ذاك؛ فرقم أعلى سيعرضها للتشكيك، ورقم أدنى سيلحق بها تهمة التقصير، وليس هذا لأقول إن الحكومة تضع النسب على هواها، بل لأقول إنني غير مقتنع بالمرّة بهذه الطريقة المدرسية والشكلانية بأكثر مما يجب.
ولعل ما أنجزته الحكومة من برامجها وخططها هو مناسب تماما، وليس هناك تلكؤ أو ضياع للوقت، لكن هذه النسب المئوية لا تقول بالنسبة لي شيئا إلا في مواقع محددة ولغايات محددة. فمن الممكن أن يقال مثلا إن نسبة الإنجاز للبناء هي 50 %، أو أن نسبة الانفاق على هذا المشروع حتى الآن هي 30 %، لكن كيف أضع نسبة مئوية للإنجاز في محور الوسطية والاعتدال إلا إذا كان المقصود وجود مبلغ مرصود لهذا العمل أنفقت منه تلك النسبة، وهو ما لم يتم توضيحه، ويستحسن لو أن الحكومة تقدم لنا من خلال واحدة من تلك الجهات مثالا عمليا مفصلا على كيفية وضع تلك النسب. وقد كنت أفضّل لو أن شرحا أكثر وضوحا قدم للأعمال التي تمّ إنجازها بدل النسب المئوية.
أن تكون الأهداف والبرامج والخطط موضوعة بطريقة تجعل الإنجازات قابلة للقياس هو مطلب مستمر منذ وقت، فالرقابة والمساءلة مستحيلة من دون برامج محددة بالجدول الزمني والأهداف، وهو ما يرد دائما في كتب التكليف السامي، ومحلّ تشديد من جلالة الملك الذي لا يحبّ التلكؤ والتبريرات والأعذار ويريد أن يرى دائما التزامات محددة تنجز في مواقيتها المقررة.
هذا لا يعني أن يبلغ الهوس بإظهار الدقة في المتابعة والإنجاز لتحويل كل شيء عنوة إلى نسب رقمية، وأحيانا حتّى الإنجاز قد لا يعني شيئا إذا لم يحقق المردود أو الأثر المنشود، وبحسب وزير تطوير القطاع العام فإن دراسة وتقييم الأثر هو أيضا مشروع مطروح، وهنا أيضا ليس ضروريا التمسك بالنسب المئوية!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جميل النمري صحافة