يثقل على حكومة معروف البخيت الثانية، وهي تأتي إلى الثقة أمام مجلس النواب اليوم، ذلك الإرث السلبي لحكومته الأولى، وقد استخدمت بعض كلمات النواب هذا الإرث لشنّ هجوم كاسح على البخيت؛ إلى جانب الإرث السلبي الذي يعاني منه مجلس النواب بسبب الثقة العالية للحكومة السابقة.
من لديه موقف سلبي مسبق من الرئيس يستطيع أن يلوح بقوّة بأحداث الانتخابات النيابية والبلدية زمن حكومته السابقة، وعثرات أخرى نعرف أن البخيت لم يكن مسؤولا عنها، لكن هذا العذر يتحول إلى ذنب إضافي ضدّ الرئيس، إذ قبل بالتجاوز عليه من مراكز نفوذ أخرى.
وكأن كل ذلك ليس كافيا!
فقد شاعت مقولة أن الرئيس يُضمر حلّ مجلس النواب، وأنه عقد صفقة على ذلك مع الإخوان. ورغم نفي الرئيس، فإن شبح الحلّ الذي تنادي به أطراف سياسية خارج المجلس ظلّ يطوف فوق الرؤوس، وقد استُخدم من نواب للتحشيد ضدّ البخيت، استنادا إلى مقولة وجدت بعض القبول، وهي أن اسقاط الحكومة هو الذي يحمي مجلس النواب من الحلّ.
خطر فشل الحكومة بالحصول على الثقة بات حقيقيا بالفعل خلال اليومين الماضيين، فعاد نواب لتقييم الموقف بمشاعر أكثر عقلانية، فما هي المصلحة العامّة في سقوط الحكومة الآن ومن أجل ماذا؟! الحسابات الأكثر اتزانا إلى جانب تحشيد معاكس قد ينقذ الثقة.
ووصل الأمر أن العديد من النواب الراغبين في الحجب، وخصوصا أولئك الذين يأتي تصويتهم متأخرا، يفكرون بمراقبة الموقف، حتّى إذا بدت الحكومة على الحافّة يعطونها صوتهم لإنقاذها من السقوط، ولعلها من المرّات النادرة التي تسود فيها هذه الحسابات القلقة والمرتبكة، وهي بالفعل تعكس تداخل الحسابات وارتباك اللحظة التاريخية التي يعيشها البلد.
قد تكون هذه آخر الحكومات التي تتشكل بهذه الطريقة بعيدا عن المشاورات النيابية التي تقرر بشأن الحكومة، برنامجا وتشكيلا، فيذهب الرئيس إلى الثقة وهو يعرف سلفا ما هي أغلبيته النيابية. وقد أفردت كلمة التجمع الديمقراطي النيابي أمس فقرة خاصّة لقضية تشكيل الحكومات والإصلاح السياسي والدستوري:
"مجلس النواب يعطي ثقته لحكومات لم يخترها ولا يعرف لماذا جاءت ومتى ترحل. والحكومة الماضية طارت بعد أربعين يوما فقط على منحها الثقة، مما يعزز رأينا بضرورة الإصلاح السياسي والدستوري الذي يضع الأمور في نصابها الصحيح، وإلا فإن موضوع الثقة بل والنيابة نفسها تبقى استعراضا فولكلوريا هزيلا وأحيانا هزليا".
علينا أن نلاقي الموجة الكاسحة للتغيير بآفاق استشرافية وبجرأة كبيرة مستندين إلى ثقتنا بأنفسنا وبالقيادة التي تريد التغيير.
والتغيير اليوم له عنوان هو الإصلاح الدستوري الذي يندرج تحته وعلى طريقه الإصلاح السياسي بمحاوره المختلفة، مثل إصلاح النظام الانتخابي، وتطوير العملية الحزبية، وإطلاق حريات التنظيم والتعبير والرأي".
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جميل النمري صحافة