كما توقعنا، أصبحت عضوية لجنة الحوار الوطني هي القضية بذاتها، وهي بدأت كذلك حتى قبل إعلان جبهة العمل الإسلامي وآخرين مقاطعتها.
منذ البداية، كانت وجهة نظرنا أن صيغة اللجنة الوطنية تدخلنا في المتاهات الشكلية للقضية من دون جدوى، وأفضل من ذلك أن تتشكل خلية عمل وزارية تفتح هي الحوار مع الأطراف كافة، ويمكن أن تحيل إلى كل قطاع أن يُجري حوارا بينيا ليقدم صيغة مقترحة (أو أكثر) لقانون الانتخاب، ثم يتم دراسة الحصيلة كلها وتكليف خبراء بوضع صيغة توفيقية ضمن المحددات الوطنية.
ثم كأن الجميع أصبحوا أسرى فكرة اللجنة الوطنية، رغم الحيرة في طريقة تكوينها. وقد بدأت بتصور مشاركة كل الأحزاب السياسية (17 حزبا). وبالطبع، على المنوال نفسه، سيعني الأمر إشراك كل النقابات وغيرها، فلا نكون أمام لجنة عملية بل مؤتمر وطني. فتقرر أن تكون أكثر اختصارا، وبذلك توجب انتقاء شخصيات من بعض الأحزاب وبعض النقابات وأوساط أخرى، لتكون النتيجة أن الغاضبين كثر، وهم تقريبا كل من بقي خارج اللجنة.
من جهة الإسلاميين ليس لهم أن يغضبوا، لأن تمثيلهم ممتاز، لكن هناك حسابات سياسية أخرى. فالمشاركة في اللجنة تعني إعطاء الغطاء لمخرجات لا تدري الجبهة ما هي، إذ لا تستطيع فرض وجهة نظر أحادية على جميع الآخرين، والأفضل ان تقف في الخارج وتستمر في المطالبة بما تريد. وقد أعطت غطاء سياسيا للمقاطعة، وهو عدم شمول صلاحيات اللجنة على التعديلات الدستورية، مع أن المخرجات هنا أيضا ليست باليد. وفي الحقيقة، أن هذا الموضوع الأخير يستحق تخريجا أفضل كثيرا من وضعه على أجندة اللجنة المزدحمة، والتي من وجهة نظري كان يجب أن تقتصر على قانون الانتخاب فقط.
في الواقع، بوجود الإسلاميين وآخرين داخل اللجنة أو خارجها فلا فرق، لأن الحوار في الجوهر يجري على المستوى الوطني عبر كل المنابر، ويمكن لمن شاء أن يدلي بدلوه، وأن يضغط من أجل وجهة نظره. والقضية لن تكون تصويتا لينتصر طرف بصوت أو اثنين على آخر، واللجنة ليست الممثل الشرعي والوحيد للشعب الأردني لتكون لها سلطة القرار، فمهمتها البحث عن صيغة توافقية معقولة تنتهي عند السلطة التشريعية التي ستأخذ بالاعتبار ما وصل إليه الحوار من توافق.
ثم إنه بهذه اللجنة أو من دونها، فالمقترحات كلها موجودة على الطاولة منذ زمن. الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع كلها قدمت أفكارا ومقترحات، ومن جهتي كنت قد وثّقت كل المقترحات المتداولة في الساحة المحلية في مقالاتي وفي كتابي عن الموضوع، وأستطيع أن أقول بكلمة إن الجديد المتفق عليه، ولا يوجد غيره لتحقيق التطوير السياسي، هو إدخال قوائم التمثيل النسبي على القانون بطريقة ما وصيغة ما، هي موضوع شدّ الحبل والحوار وربما التوافق.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جريدة الغد   جميل النمري  صحافة