نحتاج لزيادة مساحة الغابات في الأردن بنسبة 1 % من المساحة الكلية سنويا إلى زراعة مليون دونم كل سنة بالأشجار الحرجية، أي حوالي 100 مليون شجرة سنويا، وحتى نوصل هذه النسبة إلى 20 % من مساحة الأردن، نحتاج إلى مواصلة الحملة لمدة عشرين سنة على الأقل، وفي مقالة الأمس كنت قد اقترحت زراعة ألف مليون شجرة سنويا لمدة عشر سنوات، ويبدو أن المحرر وجد الرقم هائلا، فسخطه إلى مليون، ربما تمشيا مع إعلان وزير الزراعة عن توزيع 1.5 مليون شجرة لزراعتها، ولكنه رقم متواضع وبالغ الضآلة، ويعني أننا بحاجة إلى عشرة آلاف سنة على الأقل لنصل إلى نسبة الغابات التي كان الأردن يتمتع بها قبل حقبة من الزمن، والتي ما تزال تتمتع بها دول مثل السويد، وغيرها كثير.
الزراعة الحرجية كثيفة جدا، ويمكن للجبال والبوادي والأراضي بعامة أن تستوعب من الأشجار الحرجية أضعاف ما تستوعبه من الأشجار المدجنة، ويمكن تقدير أن كل دونم يستوعب مائة شجرة على الأقل، وإذا كنا نتحدث عن زراعة 1 % سنويا من مساحة الأردن بالأراضي الحرجية، فإننا نتحدث عن حوالي مليون دونم، أي أننا بحاجة إلى مائة مليون شجرة حرجية على الأقل، ولكن الحديث عن ألف مليون شجرة سنويا يناسب الحلم، وخصوصا أن الحكومة تشبعنا أحلاما وتصريحات إعلامية، عملا بالحقيقة الاستراتيجية (ولعلها الاستراتيجية الوحيدة الفاعلة لدينا من بين عشرات الاستراتيجيات الوطنية الجميلة التي أعدت في السنوات والعقود الماضية) بأن الانطباع أهم من الحقيقة، والواقع أنها خرافة استراتيجية، فلا يمكن للانطباع أن يهزم الحقيقة سوى لساعات وربما دقائق قليلة، ثم بعد ذلك يتندر المواطنون هامسين في المجالس بتذاكي الحكومة على الناس.
ليست الغابات زينة غير ضارّة أو التزاماً رومانسياً تجاه الاحتباس الحراري، ولكنها مورد هائل وعظيم، للثروة الحيوانية والصناعات الغذائية والدوائية والأخشاب ومواد البناء، ... والسياحة أيضا، وهذه الأخيرة نقولها تملقا للحكومة التي لا تقتنع سوى بالسياحة.
ويمكن أن تتشكل حول وخلال الغابات تجمعات سكانية كبيرة مكتفية تماما، وتوفر لجميع السكان وللعالم أيضا احتياجات ومنتجات هائلة، وهي فرص واقعية ولا تحتاج إلى استثمارات أجنبية وخبرات تقنية معقدة أو بعيدة المنال.
وسيكون التوسع في زراعة الغابات وتنميتها هو الرد الحقيقي والفاعل لعمليات قطع الأشجار، فالغابات وجدت ليستفيد الناس منها ويعتاشون عليها، ولا يعقل أن تكون في وسط الناس تحاصرهم ولا يقدرون على الاستفادة منها بشيء، ويموتون من البرد والجوع والفقر والغابات حولهم، وإذا لم تنشأ علاقة متبادلة بين الناس والغابات فلا يمكن حمايتها، فهذه هي الطريقة الوحيدة للحفاظ عليها.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة ابراهيم غرايبة جريدة الغد