ثمة أسئلة محيرة اليوم، هل المجتمعات هي التي تحدد وجهة الإعلام أم العكس؟ هل الإعلام رسالة عامة وتنموية أم أنه اقتصاد خدماتي يقدم سلعا حسب العرض والطلب وبهدف الربح؟ وإذا انتقلنا إلى دور الحكومات والمجتمعات تجاه الأمن الاجتماعي سنجد أيضا أننا أمام تحولات كبرى تغير من دور الحكومات والمجتمعات أيضا.
صحيح أننا نملك وضوحا في تحديد أولويات الأمن الاجتماعي، ونستطيع أن نحدد احتياجاتنا الاجتماعية، وما نتطلع لتحقيقه في وسائل الإعلام، ولكن الإجابة عن كيف نحقق ذلك تبدو معقدة وصعبة جدا.
يستطيع العاملون الاجتماعيون أن يحددوا مطالبهم وما ينتظرونه من دور لوسائل الإعلام، ولكن الإعلاميين سيجيبون بأنها مسؤولية مجتمعية اكثر مما هي إعلامية، فقد أصبح مدخل توجيه الإعلام مجتمعيا، وتستطيع المجتمعات والمؤسسات الاجتماعية أن تؤدي دورا إعلاميا، ويكاد سؤال الإعلام والأمن الاجتماعي يكون خاصا بالمجتمعات والمؤسسات الاجتماعية أكثر مما يخص وسائل الإعلام.
ولكن وسائل الإعلام باعتبارها قطاعا خاصا مستقلا تضطلع بمسؤولية اجتماعية، ولم تعد الشركات في معزل عن الدور الاجتماعي.
ويمكننا بسهولة أن نعرض مجموعة كبيرة من الإنجازات الإعلامية في الأمن الاجتماعي، مثل حماية المستهلك وتوعيته، ومواجهة المشكلات الاجتماعية كالجريمة والمخدرات، والتعبير عن المجتمعات وإسماع صوت الناس، وطرح قضاياهم ومشكلاتهم، وفي معالجة قضايا أسلوب الحياة والسلوك الاجتماعي، وفي المقابل يمكن أن نجد ممارسات كثيرة غير منتهية محليا وعالميا في تشجيع العنف والجريمة والإباحية والثقافة الغربية وأنماط السلوك المرفوضة والمزعجة والمهددة للأمن الاجتماعي.
ولكننا بحاجة أيضا للحديث عن البيئة المشكلة لدور الإعلام والمجتمعات، فكيف نتحدث عن وجهة الصحافة والمجتمعات، والصحافة ليست حرة، والمجتمعات ليست حرة أيضا، حرية الصحافة تعني مجتمعا حرا ومنفتحا، وعندما لا يوجد من يدافع عن الحرية والتعددية ومستوى وجودة المعلومات والخدمات الصحافية لا يمكن الحديث عن اتجاهات في العرض والطلب في الصحافة، وفي حال تعذر وصول وتوصيل جميع الأصوات والآراء والمطالب، أو عندما لا يوجد من يدافع عن التعددية والحرية، لا يصل إلى مسامعنا إلا صوت الأكثر نفوذا والأكثر جشعا والأكثر مالا.
ربما نكون متفقين على الدور الاجتماعي المطلوب للإعلام، ولكننا بحاجة لنفهم حدود الإعلام والإعلاميين ومسؤولية المجتمع والمؤسسات الاجتماعية، فالمجتمعات والأفراد باعتبارها مستهلكا تستطيع أن تؤثر على وسائل الإعلام وتساهم في الاختيار وتحديد ما تريده وما لا تريده، فكثير مما ينشر ويقال هو من قبيل تملق رغبات المجتمعات والأفراد وبحثا عن رضاهم ورغباتهم.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة ابراهيم غرايبة جريدة الغد