الخبر الذي نشرته الصحافة عن شاب في العقد الثاني من عمره توفي كما يبدو بسبب سقوطه في حفرة إنشائية في الصويفية يهز البدن ويصيب بالرعب، ويؤشر على حالة يجب التوقف عندها كثيرا.
نفترض حتى الآن أن الوفاة حدثت بسبب الوقوع في الحفرة، ونتمنى أن تكمل الصحافة معروفها وتواصل متابعة القصة، طالما أنها أطلعتنا على الخبر والصورة، لنعرف الأسباب والقصة الحقيقية، ويا ليت نشرت الصورة بطريقة أخرى مختلفة، وعولجت بحيث تظهر الوجه فقط وفي حالة عمودية، فقد نشرت في حالة تزيد الشعور بالألم، وكان الله في عون ذوي الفتى ومنحهم الصبر وعوض عليهم خيرا.
لكن من المسؤول عن هذه الوفاة؟..
القصة تبدو غير كاملة وغير واضحة، وكان من الأولى تقديم مزيد من المعلومات لأن نشرها بهذه الحالة يثير القلق، هل كان الشاب يسير وحده، أين الناس؟ هل حدثت الوفاة في وقت لا يكون فيه أحد في المنطقة؟ متى حدثت الوفاة وكم مضى عليها من الزمن قبل اكتشافها؟ فليس مناسبا أن تقدم للمواطنين قصة وفاة شاب صغير على هذا النحو الغامض والمختصر، لأنها تفتح بابا للتساؤلات الكثيرة والتداعيات، ونتمنى أن تقدم إدارة العلاقات العامة في الأمن العام مزيدا من التوضيحات والمعلومات، وتبدد القلق والتساؤل والشكوك لدى المواطنين، ولا بأس أن تشارك مع الصحافة في نقاش وحوار حول المسؤولية عن الوفاة.
وإذا افترضنا أن الوفاة كانت عادية أو حادثا، فربما يكون الشاب بسبب عمره لا يحمل إثبات شخصية، ويبدو أنها حالة منتشرة كثيرا بين الشباب الصغار، فهم غالبا لم يدركوا بعد ولم يلاحظوا أهمية إصدار بطاقة شخصية، أو أي إثبات شخصية، وربما يكون من المناسب لأجل تعميم هذا السلوك بين الشباب أن يجري تنسيق ومتابعة مع المدارس الثانوية للتأكد من أن كل طالب في المرحل الثانوية يحمل بطاقة، ويمكن للمدارس أيضا أن تصدر بطاقات للطلبة في المرحلة قبل الثانوية، وتتضمن عناوين ومراجع للاتصال بها عند الحاجة، فالحوادث والقصص كثيرة وتحدث كل يوم، وإن كانت دون ما حدث لهذا الفتى رحمه الله.
نحن أمام قصة كبيرة ومفجعة يصعب الخوض فيها قبل أن نعرف ما حدث بالفعل، ومن الملوم ومن المتسبب بالوفاة، وقد زاد نشرها بهذه الطريقة من قلقنا وتساؤلاتنا وتوقعاتنا، ونتمنى أن نقرأ عن تفصيلات أخرى كثيرة، وأن نقرأ أيضا عن مبادرات وردود فعل وتحركات للمحاسبة والمتابعة ومنع تكرار حدوث مثل ذلك في المستقبل.
ونعلم بالطبع أن عمان أصبحت مدينة كبيرة ومعقدة، ويتبع ذلك بالتأكيد كثير من الحوادث والظواهر والمشكلات المتوقعة وغير المتوقعة أيضا، قد يكون بعضها مما يصعب تجنبه، وقد يكون معظمها ممكنا تجنبه ومعالجته، فالمدن تقدم حلولا وأفكارا بنفس الحيوية والنشاط الذي تفرز فيه مشكلاتها، والحوادث نفسها تكون مناسبة للمراجعة وتطوير الإجراءات والتشريعات ومعرفة الثغرات والمشكلات وفهمها ومواجهتها، ولكن المشكلات تقع تلقائيا ضمن تفاعل وتطور المدن والمجتمعات، وأما الحلول فإنها للأسف الشديد لا تتشكل تلقائيا، وتحتاج إلى جهود ومبادرات وتدخلات من جهات كثيرة يجب أن يجري بينها تعاون وتبادل للمعرفة والتجارب، المدارس والجامعات والأمن العام ومنظمات المجتمع المدني.
لدينا مشكلة كبيرة في الأردن وفي عمان وهي ضعف المجتمع وعجزه، والغريب أن المشكلة لم تعالج بجدية واهتمام، برغم أن المجتمع يجب أن يكون قوة ثالثة إلى جانب القطاع العام الحكومي والقطاع الخاص، ولكنه لدينا ضعيف جدا، ولا يقوى على منافسة/ مواجهة/ مشاركة/ القطاعين العام والخاص، ولا يقوى أيضا على حماية نفسه ومصالحه ومواجهة التحديات اليومية، ويصعب جدا في مثل هذه الحالة أن نعتمد على المؤسسات الحكومية لحل مثل هذه المشكلات أو الوقاية منها، وأما القطاع الخاص، فيفتح الله.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  ابراهيم غرايبة   جريدة الغد