لدينا مليون سبب لنحب تركيا، وننبهر بتجربتها، ونحاول أن نتأسى بها، ونستلهم نجاحاتها، فما حققته من إنجاز اقتصادي وسياسي على الصعيد الدولي، يجعلنا نصرخ بأعلى صوتنا: لمَ لمْ تفعل أي دولة عربية ما فعلته، رغم أننا لا نقل عنها إمكانات وقدرات وثروات؟

صفحات النت، وشبكات التواصل الاجتماعي، والمنتديات، مليئة بإنجازات اردوغان وحزب العدالة والتنمية، وحتى أولئك الذين «يتحفظون» على تدين الحزب، وميله المحسوب بدقة نحو القيم الإسلامية، لا يستطيعون أن يخفوا إعجابهم بمعجزة تركيا التي تحققت فقط خلال عقد من الزمان، ولطالما قرأنا على صفحات الفيسبوك ما يروى عن أردوغان حينما سئل عن سر النجاح الذي حققه حزبه إبان حكم تركيا، حيث قال إن السر يكمن في كلمتين قصيرتين: لا نسرق، لا ادري ما صحة هذه الرواية، لكن ما ندريه جيدا، وبالأرقام الصارخة، ان تركيا صاعدة اقتصاديا، وكل دول العالم تقريبا هابطة، ما يحعلنا نعتقد بصحة الرواية تلك

أشكال الهجوم على تركيا واردوغان، أخذ أشكالا عدة، بداية من الفن، وانتهاء بأروقة الاتحاد الأوروبي، أما في الفن، فلربما لا يدرك كثيرون السر العظيم الكامن وراء تبني المسلسلات التركية الهابطة، وتلقفها ودبلجتها ونشرها في بلاد العرب، فتلك محاولة بائسة للتقليل من انبهار العرب بالمعجزة التركية الحديثة، وضرب أي محاولة للتماهي مع تلك التجربة أو استلهامها، وقد كانت آخر المحاولات البائسة في الضجة التي اثيرت حول المسلسل المسمى «حريم السلطان» الذي يحاول تشويه اعظم سلاطين بني عثمان، الذي قضى ثلاثين سنة من عمره على ظهر الجواد، فاتحا، بتصويره وكأنه قضى هذا العمر في غابة من سيقان الجواري والحريم، وهو ما دفع اردوغان إلى القول: ليس لدينا أجداد مثلما يجري تصويرهم في المسلسل.

لا نعرف السلطان سليمان القانوني بالشخصية التي يظهر فيها في المسلسل، سليمان القانوني قضى 30 عاماً من عمره على ظهر الخيول في إطار الحروب والفتوحات التي خاضها، وبالفعل، فهو أعظم سلطان عثماني ظهر في أوائل الحقبة المعاصرة الذي يعتبر عصره ذروة النفوذ والاتساع والقوة في الدولة العثمانية، فقد كانت الدولة في أقصى اتساعها الجغرافي ونفوذها السياسي وتقدمها العلمي واستقرارها الاجتماعي وثباتها المؤسسي وثرائها الاقتصادي وتفوقها العسكري وذكائها الدبلوماسي، حتى إن الأوربيين أطلقوا على سليمان لقب «الفخم»، وهو السلطان العثماني الوحيد الذي قهر الإمبراطور شارلمان عاهل الإمبراطورية الرومانية الشهيرة، وحاصر عاصمته فيينا وكاد أن يفتحها

أما في السياسة فنحن نعرف جيدا كيف اوصدت أوروبا «المسيحية» أبواب الاتحاد الأوروبي في وجه تركيا «المسلمة» وفتحته في وجه خصمها: اليونان، وها هي الأخيرة تجر الاتحاد بأسره إلى أزمة اقتصادية طاحنة رغم المليارات التي يحاول ان يسعفها بها، فيما تركيا تحقق إنجازات غير مسبوقة، وبلغة الأرقام – سريعا- وصلت ديون منطقة اليورو المكونة من 17 دولة نهاية العام الماضي 8,6 تريليونات يورو (11 تريليون دولار) بزيادة قدرها 375 مليار يورو عن العام 2011. إجمالي ديون دول الاتحاد الخمس والعشرين سجلت العام الماضي زيادة قدرها 576 مليار يورو وبلغت بذلك 11 تريليون يورو (14 مليار دولار). أما تركيا، فتعيش افضل ايامها الاقتصادية وتقدمت في الترتيب العالمي لتصبح رقم 16 وحققت العام الماضي ثالث اقوى نمو اقتصادي فيما قفزت في الربع الاول من هذا العام الى المركز الأول عالميا.. كما انخفض الدين العام لصندوق النقد الدولي من 23 مليارا الى 5 مليارات، وهي أصلا تركة ورثها حزب العدالة والتنمية من أسلافه

كم أنا متشوق لرؤية تلك المعجزة على الأرض وأنا أحزم أمتعتي ميمما شطر عاصمة الخلافة، بدعوة كريمة من رئاسة الحكومة

 

بقلم حلمي الأسمر 


المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة  حلمي الأسمر   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية