وَيُبدي الرّضَا في حالةِ السّخطِ للعِدَى،
وَقُورٌ، متى يَقدَحْ بزَنْدَيْهِ يَثْقُبِ
فَماذا يَغُرُّ الخَائِنِينَ، وَقَدْ رَأوا
ضَرَائِبَ ذاكَ المَشرَفيّ المُجَرَّبِ
غَرَائِبُ أخلاقٍ، هيَ الرّوضُ جادَهُ
مُلِثُّ العَزَالي، ذو رَبابٍ وَهَيْدَبِ
فكَمْ عَجّبَتْ مِنْ نَاظِرٍ مُتَأمِّلٍ،
وَكَمْ حَيّرَتْ مِنْ سامعٍ مُتَعَجِّبِ
وَقَدْ زَادَهَا إفْرَاطَ حُسْنٍ جِوَارُهَا
لأخَلاِقَ أصْفَارٍ مِنَ المَجْدِ، خُيَّبِ
وَحُسنُ دَرَارِيّ الكَوَاكِبِ أنْ تُرَى
طَوَالِعَ في دَاجٍ مِنَ اللَّيلِ، غَيهَبِ
أرَى شَملَكُمْ يا أهلَ حِمصٍ مُجَمَّعاً
بعُقبِ افترَاقٍ منكُمُ، وَتَشَعّبِ
وَكُنْتُمْ شَعَاعاً من طَرِيدٍ مُشَرَّدٍ،
وَثَاوٍ رَدٍ، أوْ خَائِفٍ مُتَرَقِّبِ
وَمِنْ نَفَرٍ فَوْقَ الجُذُوعِ، كأنّهمْ
إذا الشمسُ لاحَتهُمْ حَرَابيُّ تَنضُبِ
تَلاَفاكُمُ الفَتحُ بنُ خاقانَ، بَعدَما
تَدَهدَهتُمُ مِنْ حَالِقٍ مُتَصَوِّبِ
بعارِفَةٍ أهْدَتْ أمَانَاً لخَائِفٍ
وَغَوْثاً لمَلْهُوفٍ، وَعَفْواً لمُذنِبِ
عَنَتْ طَيّئاً جَمعَا، وَثنّتْ بمذحِجٍ،
خصوصاً، وَعمّتْ في الكِلاعِ وَيَحصُبِ
رَدَدتَ الرّدى عن أهلِ حِمصَ وَقَد بَدا
لهمْ جانبُ اليَوْمِ العَبوسِ العَصَبصَبِ
وَلَوْ لَمْ تُدَافِعْ دُونَهَا لَتَفَرّقَتْ
أيادي سَبَا عَنها سَبَأء ابنِ يَشجُبِ
رَفَدْتَهُمُ عندَ السّريرِ، وقد هوى
بهم ما هوى من سُخطِ أسوَانَ مُغضَبِ
وكانَتْ يَداً بَيْضَاءَ، مثلَ اليَدِ التي
نَعَشتَ بها عَمرَو بنَ غُنمِ بنِ تَغلبِ
فَلَمْ تَرَ عَيْني نِعْمَتَينِ اسْتَحَقّتا
ثَنَاءَ هُمَا في ابْنَيْ مَعَدٍّ، وَيَعربِ
إنِ العَرَبُ انقادَتْ إلَيْكَ قُلُوبُهَا،
فقَدْ جِئتَ إحْساناً إلى كلّ مُعرِبِ
وَلمْ تَتَعَمّدْ حاضِراً دونَ غَائِبِ،
وَلمْ تَتَجانَفْ عن بَعيدٍ لأقْرَبِ
شكَرْتُكَ عَنْ قَوْمي وَقَوْمِكَ إنّني
لسانُهُما في كلّ شَرْقٍ وَمَغرِبِ
وَمَا أنَا إلاّ عَبْدُ نِعْمَتِكَ الّتي
نُسِبْتُ إلَيها، دونَ رَهطي وَمَنْصِبي
وَمَوْلَى أيَادٍ مِنْكَ بِيضٍ، متى أقُلْ
بآلائِهَا في مَشْهَدٍ لا أُكَذَّبِ
وآلَيْتُ لا أنْسَى بُلُوغي بكَ العُلا
على كُرْهِ شَتّى مِن شُهُودٍ وَغُيَّبِ
وَدَفعي بكَ الأعداءَ عنّي، وَإنّمَا
دَفَعتُ برُكنٍ من شَرَوْرَى وَمَنكِبِ