أ حسن عبد الحميد
صحفي و كاتب سوداني
قيل لجحا يوما إن مدينتك تحترق، فقال: ما دام الحريق بعيدا عن حيّنا فلا يهمني، ثم قيل له إن النار قد وصلت إلي حيّكم، فقال: إذا كانت بعيدة عن بيتي فلا يخصني، حتى إذا قيل له إن ألسنة اللهب امتدت إلى بيتك، قال: غرفتي ما زالت آمنة فأمر الحريق بعيد عن اهتمامي.
حذر كثير من الخبراء والمراقبين من أن الحركة الشعبية بعد اتفاقية نيفاشا تود أن تنقل الحرب من الجنوب إلى العاصمة والمدن الشمالية، لكن بعض المسئولين لم يهتم بذلك كثيرا، وحينما تفشت ظاهرة حملة السلاح غير المرخص وخارج الأجهزة الأمنية المعنية بحمل السلاح بحكم وظائفها؛ لم يعر المختصون هذا الأمر كبير اهتمام، وعندما بدأ هؤلاء المسلحون يعتدون على المواطنين بل وصل اعتداؤهم إلى الشرطة نفسها التي سقط من صفوفها شهداء ضحايا فوضى السلاح، لم تكن التحركات الأمنية لحسم ظاهرة فوضى السلاح بقدر خطورة المسألة، خاصة أن الحوادث كانت تجري على أطراف العاصمة في جبل أولياء والكلاكلات والأزهري والسلمة وغيرها من الأحياء الطرفية.
لكن الحادث الذي هز العاصمة يوم الخميس الماضي 8/2/2007م بجامعة النيلين وأدى إلى مقتل طالب بكلية الآداب من قِبل بعض منتسبي الحركة الشعبية من الطلاب ومن عاونوهم من خارج الجامعة الذين جاءوا على صهوة السيارات الفاخرة المظللة وشاركوا في الجريمة البشعة؛ ينبغي ألا يُنظر إليه بمنطق جحا السالف، فجامعة النيلين تقع في قلب العاصمة، وعلى بُعد خطوات من رئاسة شرطة ولاية الخرطوم، وعلى بعد كيلو مترات قليلة من القصر الجمهوري، فإذا كان الناس لا يأمنون في قلب عاصمتهم وعلى مرمى من رئاسة أجهزة الأمن ومقر الحكومة فأين يأمنون؟؟
وكثير من الطلاب - خاصة المعارضين - يتحدثون عن جرائم قتل حدثت في السنوات السابقة في الجامعة وراح ضحيتها طلاب من غير المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، ويخلصون من هذا أن الدور قد حان ليتجرع طلاب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية كأس المنون مثل غيرهم!! وهذا المنطق غبي ومرفوض، فقتل الأبرياء دون جريمة أو مسوغ شرعي مرفوض شرعا وعقلا، يستوي في ذلك إن كان المجني عليه مواليا للحكومة أو معارضا لها، وساحات العلم خاصة لها حرمتها والتحاور فيها بمنطق الرصاص يجب أن يتم حسمه بقوة وبسرعة قبل أن تستفحل الظاهرة ويتسع الخرق على الراقع.
وعودة إلى ظاهرة حمل السلاح في العاصمة القومية ــ وفي أي مكان ــ خارج القانون ودون مسوغ؛ لقد استفحلت هذه الظاهرة وراح ضحيتها العديد من الأبرياء الذي لا ذنب لهم وليسوا مسئولين عن تقصير الجهات المختصة حتى يدفعوا أرواحهم ثمنا لذلكم التهاون وتلكم السلبية من الجهات المختصة.
وكما ذكر الشيخ كمال رزق في خطبة الجمعه الماضية 9/2/2007 بالمسجد الكبير بالخرطوم إذا كانت الحركة الشعبية تظن أنها يمكن أن تحتل الخرطوم بتلك الطريقة أو تروّع الآمنين دون رادع؛ فلتبحث لها عن أحلام أخرى، فإن الشعب السوداني المسلم معظمه مدرب على السلاح وإذا استفز في أمنه وفي عقر عاصمته سيكون له شأن آخر مع المستهترين.
الأحداث المؤسفة دخلت حتى الغرفة الخاصة بمنطق جحا... فماذا ينتظر المسئولون؟؟
المراجع
babnet.net
التصانيف
أحداث أحداث سياسية التاريخ