ما يجري بشكل شبه يومي في جامعاتنا ليس عنفا طلابيا، بل هو مؤشرا على تآكل خطير في هيبة المجتمع والدولة، ومن الخطورة بمكان التعامل معه بالطرق التقليدية، فما بالك حين تشعر أن ثمة نوعا من الإهمال، في التعاطي معه؟
لا يكاد يمر يوم دون أن تهتز أبداننا بمشاجرة هنا أو هناك، ولا نلمس أن هناك جدية حقيقية في معالجة هذا المرض الخطير، أكثر من ذلك، ثمة من يقول أن هناك تواطؤا من هذه الجهة أو تلك مع هذا العنف، بحيث تكون إما مشجعة له، أو حتى طرفا فيه، وتلك مصيبة كبرى على صاحب الأمر أن يتداركها قبل أن تتحول الظاهرة على ما يشبه النزاع البيني، على مستوى المجتمع كله.
سبق وأن نقلت هنا، رأيا جديرا بالدرس، يمكن أن يكون حلال جذريا لتلك الظاهرة البائسة، مع أنني أعرف أن ثمة من يتذرع بقلة المال لتنفيذه، علما بأن الخطر المحدث بالمجتمع يستحق أن يخصص له جزءا من ميزانية الدولة، مهما كانت الظروف
يقوم الاقتراح على إعادة ولو جزئية لخدمة العلم، بحيث يتم تنظيم دورة عسكرية تدريبية على غرار خدمة العلم السابقة، لكل من يريد أن يدخل الجامعة، على أن تكون هذه الدورة داخل الحرم الجامعي وليس خارجه ولمدة شهر واحد فقط لما فيها من ضبط وربط ولياقة وتهذب للنفس وإلزام لها بالنظام والأخلاق، وان يكون التدريب من مسؤولية القوات المسلحة الأردنية حيث إنها الجهة الوحيدة التي تستطيع ان تقوم بهذا الواجب الوطني لما يتمتع به أفراد الجيش العربي من احترافية ومهنية وبسبب وجود مدربين أكفياء فيه، وبهذا العمل يكون لدينا شباب وشابات ملتزمون وواعون ومدركون ومنضبطون تجاه بعضهم البعض ومدرسيهم ومديريهم داخل الجامعة وخارجها، علما بأن من خدم في القوات المسلحة سابقا أو خدم خدمة العلم يختلف كليا عن الذي لم يخدم فيها، فنحن نعتز ونقدر كل من تخرج من مدرسة القوات المسلحة.
والحقيقة أن هذا الاقتراح بناء وجدير بنا أخذه على محمل الجد، بل إنني أعتقد أنه على أصحاب القرار اعادة خدمة العلم برمتها، ولو بشكل مختصر، أي أن يخدم الشباب والشابات أيضا لمدة شهر واحد على الأقل.
سواء كانوا من طلبة الجامعات أم من غيرها، كي نعيد الاعتبار لقيم الرجولة والضبط والربط، لأن هذه الخدمة تربية لا بد منها، ليس للقضاء على عنف الجامعات، بل على العنف المجتمعي برمته، ناهيك عن أنها تقضي على الميوعة والانفلات، وتشيع القيم الوطنية الجامعة وتسهم في تدعيم مشاعر المواطنة، وتذيب أي فروقات أو أحاسيس جهوية أو مناطقية، وتسهم في بناء الوحدة الوطنية والجبهة الداخلية، وقد يبرز هنا سؤال: من أين نأتي بالمخصصات المالية لعمل كهذا؟.
وأقول أن هذه ليست مشكلة إن حصلت القناعة بجدوى عمل كهذا، حيث يمكن «تدبيره» بأي صورة كانت، حتى ولو بفرض دينار على الفواتير أو المعاملات الحكومية، ولن يضير المواطن دينار جديد يضاف إلى الدنانير الكثيرة التي تتعلق بفواتيرنا ومعاملاتنا الحكومية الكثيرة، ابتداء بدينار التلفزيون، وانتهاء بفلس الريف، مرورا بعشرات الذرائع والحجج التي تبتدعها الحكومات لفرض الضرائب على الناس، وأعتقد أن أي مبالغ ندفعها لذلك الهدف النبيل ستكون في ميزان حسناتنا في الآخرة، وهنائنا واستقرارنا في الدنيا |
أتمنى أن يحظى هذا المقترح بما يستحق من انتباه، بعد أن أصبح العنف المجتمعي والجامعي بخاصة، سمة تهدد استقرار مجتمعنا، وتبعث على قلق الآباء الذين يترقبون بخوف ماذا ستحمل لهم الأيام من «هوشات» وطعنات وإطلاق نار، وقنوات |
بقلم حلمي الأسمر
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة حلمي الأسمر جريدة الدستور العلوم الاجتماعية
|