حصد التيار الإخواني جميع مقاعد مجلس نقابة المعلمين (باستثناء الرئيس الذي انتخب بالتوافق). ولا أعتقد أن لدى الإخوان أغلبية مطلقة من الناخبين، ولكنها مرّة أخرى مشكلة نظام انتخابي يرجح أقلية منظمة وسط أغلبية منفرطة.
ركزوا معي على النظام الانتخابي الفريد لنقابة المعلمين. إنه يقوم على صيغتين: الأولى مشابهة تماما لنظام 1989؛ فلكل مديرية عدد من الممثلين وفق عدد المعلمين فيها، وللناخب أصوات بعدد المقاعد. فمثلا، إذا كان لمديرية عمان الأولى 5 ممثلين، فيحق للناخب أن يختار من واحد إلى خمسة، وينجح أصحاب أعلى الأصوات. وطبعا إذا كان هناك جهة منظمة فسوف تركز على انتخاب خمستهم، بينما تتفرق أصوات الآخرين. وغالبا سيكتفي بعضهم بانتخاب من يخصّه دون الآخرين، وتكون النتيجة أن جهة منظمة لديها 25% من الأصوات ستحصل على جميع المقاعد.
والصيغة الثانية هي انتخاب 12 ممثلا عن كل محافظة بصيغة الكتلة المغلقة. إذ يجب أن يتقدم المرشحون في قائمة مغلقة، ويختار الناخب إحدى الكتل وليس مرشحين أفرادا. والكتلة التي تحصل على أصوات أعلى تأخذ جميع المقاعد. بمعنى أنه إذا حصلت كتلة على 25% من الأصوات، تليها ثلاث كتل
بنسبة 24% من الأصوات، تفوز الكتلة الأولى بجميع المقاعد.
والصيغتان تعتمدان النظام الأغلبي؛ الأولى بالترشيح والانتخاب الفردي، والثانية بالترشيح والانتخاب للقوائم، مع أن الثانية أوضح وأكثر قسوة في الحسم.
طريقة التمثيل للمجلس العام على مديريات التربية والمحافظات أقرت بالقانون ولم تكن الأفضل من وجهة نظري، أمّا النظام الانتخابي فإني لأتعجب كيف أقرّ بهذه الصيغة التي ما كان يمكن اختيار أسوأ منها لضمان سوء تمثيل القاعدة الانتخابية! إنه نظام المغالبة والاستئثار، وليس التمثيل. فالمجلس العام للنقابة يجب أن يعكس بصورة عادلة تنوع القاعدة الانتخابية. والحقيقة أنه مقابل الشكلين المعتمدين للنظام الأغلبي في النقابة، هناك شكلان للنظام النسبي؛ ففي المديريات مقابل النظام الأغلبي الفردي كان يمكن اعتماد نظام النسبية المفتوحة، وفي المحافظات مقابل الكتلة المغلقة كان يمكن اعتماد النسبية المغلقة. من العجيب أن أحدا لا يريد أن يتعظ.
ومن الأعذار ضد النظام النسبي أنه يجب انتظار وجود أحزاب قوية إلى جانب جبهة العمل الإسلامي لتطبيقه، والصحيح هو العكس تماما؛ إذ لهذا السبب بالذات يجب تطبيقه، لأنه يقود الجميع ويلزمهم بالعمل المشترك، ويفرض نشوء أطر سياسية، ويثقف كل الأطراف بمنطق التجاور والتعايش والبحث عن التسويات، وليس المغالبة والإقصاء.
لم يكن ممكنا صياغة نظام انتخابي يحقق أقصى نتائج للإخوان أكثر من هذا النظام، ولا أعتقد أنهم اختاروه هم. ولو طرحت النسبية لوافقوا عليها كما أعتقد، لكن المشكلة أن التفكير العام كله ما يزال متأخرا، ويجب أن ندفع الثمن ونتعثر طويلا لدرجة أن الخراب يكون قد تجاوز قدرة البدائل على العلاج.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جميل النمري صحافة