وجهة نظر حول الاستثمار في الأسـهم

فقد اتجه الكثير من الناس في الآونة الأخيرة على الاستثمار في الأسهم والدخول فيها لمزايا عديدة فيها ليس هذا مجال بسطها ولكن نظرا للمحاذير التي نتجت من المضاربة في سوق الأسهم أسوق هذا الرأي، ديننا عندما شرع لنا البيع وأحله لنا بقوله - تعالى -: (وأحل الله البيع) كان الهدف تيسير التبادل والمنافع والمصالح بين العباد فيما أحل - سبحانه - (وحرم الــربا)º لأنه أكل لأموال الناس بالباطل دون نفع ومرجعية للأمة بل تنمية أموال بأموال دون إنتاج مادي ملموس يكون فيه المتضرر الأكبر ذلك المستدين بالربا فتتراكم عليه كما يسمونها الديون المركبة هو ومن تحته كل بحسبه دون استطاعة على السدادº لأن الربا ينمو كالخلايا السرطانية لحساب شخص على حساب أشخاص عدة (أي على حساب الأمة), والمستفيد الأكبر هو صاحب رأس المال على رأس الهرم وهذا هو الذي يولد الرأسمالية كنظام يسير عليه المجتمع دون أن يشعر, والشركات المساهمة عندما تؤسس وتبنى كان الهدف الأكبر من التأسيس هو الحصول على الربح بطرق مشروعة من إنتاج وبيع للسلع الاستهلاكية العامة أو الخدمية بالإضافة للمساهمة في نفع البلاد والعباد من خلال توفير السلع والمنتجات المباحة وهو ما يسمى بالمشاركة في الإنتاجية ونفع الناس بتوفير مستلزماتهم وحاجياتهم، فهناك من يقيم الشركة بماله وهو المساهم بجزء من رأس مال الشركة, وهناك من يكون عليه العمل والتنظيم وإدارة الشركة والإنتاج ثم التسويق لمنتجات الشركة فيكون مساهم بعمله وكدحه وجهده، ومن المعلوم أن من أصول هذا الدين تحريم الضرر والضرار لحديث: (لا ضرر ولا ضرار), ومن أصول هذا الدين أن المؤمنين إخوة لا يبغي بعضهم على بعض جاءت الأحاديث الحاثة والدالة والآمرة على الترابط والتعاون وعدم التباغض فمنها:(لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخوانا )وجاء النهي بحرمة البيع على بيع آخر بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (ولا يبع بعضكم على بيع بعض)كل هذه الأحاديث لأجل بقاء الاحترام بين المسلم وأخيه المسلم والتعاون على البر والتقوى ونبذ الشحناء والبغضاء والعيش في مجتمع تسوده عرى التكاتف والتعاون ونبذ العدوان والتباغض (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) .
 
ونهى الإسلام عن النجش وهو رفع السلعة لأجل الأضرار بالمشتري, كل هذه النصوص تبين عظمة هذا الدين وأنه حريص على بناء مجتمع متماسك مترابط تسوده روح الأخوة والألفة ويسعى للبناء والإنتاج المفيد للأمة ºلكن الموجود في سوق الأســـهم ما يخالف ويصادم هذه النصوص ويسير باتجاه معاكس لغايتها وأهدافها، فالسوق تحصل فيه المضاربات على الأســـهم دون زيادة تذكر على الإنتاج العام، ومن المعلوم أن سعــر الســـهم عند الاكتتاب وهو ما يسمى بالقيمة الاسمية يختلف عن سعره عند التداول بسبب أن الشركة المساهمة تبدأ بالدخول في ســــوق العمــل وتبدأ إنتاجيتها ويكون سعر السهم حينها مرتبط بقوتها الإنتاجية ومركزها المالي في السوق المالية ومدى قدرتها التسويقية في تصريف منتجاتها وكذلك اتساع مجالات التسويق لديها.
 
إذن قيمة السهم له ارتباط مباشر بقوة الشركة وقدرتها المالية واستقرارها ومرتبط بالإنتاجية (المخرجات) ومدى قوتها في الإنتاج والتسويق لمنتجاتها واتساع سوقها التسويقي ومرتبط بنسبة الأرباح وعلو مؤشرها ومرتبط كذلك بالاستقرار السياسي والاقتصادي للبلد، لكن الموجود في سوق الأسهم هو مضاربة بالأسهم دون زيادة تذكر في الإنتاج أو فتح فرص تسويقية جديدة أو زيادة في الأرباح نتيجة ما ذكرت من عوامل فالذي يحدد سعر السهم (سعر التداول) هو سمعة الشركة فقط وما يلقى من إشاعات في السوق حول أسهم بعض الشركات والمستفيد الأكبر في ذلك هو من بث الإشاعة، أو أحيانا ما يفعله بعض أرباب الأموال وهم من يسمون بالهوامير فيغرق السوق (سوق الأسهم) لأجل أن ينخفض سعر السهم ثم يأتي بعد ذلك ليشتريه بسعره المنخفض فيكون هناك زيادة في الطلب فيرتفع السعر بناءا على زيادة الطلب .
 
فمثلا يأتي أحد هؤلاء المساهمين وممن يملك رأس مال كبير فيشتري حصة ضخمة في أسهم إحدى الشركات كأن يشتريه ب 90 ريال ونظرا للطلب على أسهم هذه الشركة فقد ترتفع تدريجيا حتى تصل ل 100 ريال فيأتي بعد فترة ليعرض كمية ضخمة من أسهمه في هذه الشركة بسعر 95 (وهو يعتبر رابحا) فيطرح كمية ضخمة ويغرق السوق فتنزل سعر السهم إلى مثلا 88 ثم يأتي ليشتري السهم ب 88 ونظر لكمية الطلب الضخمة على أسهم هذه الشركة سيرتفع السهم من 88 إلى أن يصل مثلا إلى 96 وهكذا فهي لعبة أكل لأموال الناس من أرباب الأموال على حساب صغار المساهمين, بالإضافة لما ذكرت قبل قليل فليس ارتفاع سعر السهم بناءا على زيادة في المنتجات أو دخول أســـواق تسويقة جديدة وزيادة في تصريف المنتجات مما يعني زيادة في الأرباح أبدا، ودليل ذلك انظر للقيمة الحقيقة للســهم من خلال ما يسمى بالقيمة الدفترية والتي تنبئك عن الســعر الواقعي لسهم الشـــركة فالملاحظ في بعض الأسهم أن القيمة الدفترية للسهم 86 وسعــر السوق (سعر التداول) تجده 770 ريال فانظر للفرق وأن المسألة كلها مضاربات في مضاربات، بل إن القيمة الدفترية لأحد الأسهم (صفر) وهذا السعر يعني عدم البدء بالعمل ودخول السوق وسعر التداول 742ريال!!!بل إنك تجد أن محللين السوق المالي عندما يسألون عن سبب ارتفاع سهم شركة ما فما لديهم سوى جواب واحــد أن المسألة مضاربات, وانظر كذلك للتلاعب الموجود في سوق الأسهم ما يحصل أحيانا من اتفاق بين اثنين من كبار المساهمين في دخول اللعبة وإغراق للسوق من جهة ورفعه من جهة أخرى والمستفيد من ذلك هاذين الهامورين، فالارتفاع نتج بسبب المضاربات فقط دون عائد ونفع للأمة فهو استفادة وربح لنوعية معينة وهم كبار المساهمين على حساب صغار المساهمين، وأنا أشبهه بعالم الأسماك فالكبيرة تأكل من هي أصغر منها، والإســلام بقواعده وأصوله حرم الإضرار بالآخرين بجميع أشكال الضــرر ســواءً ضرر نفسي أو مالي أو بدني أو غير ذلك من أنواع الضرر فالصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - والذي لا ينطق عن الهوى والذي أوتي جوامع الكلم يقول: (لا ضرر ولا ضرار)،فهذه المضاربات نتج عنها إضرار نفسي واجتماعي واقتصادي من كبار المساهمين لصغار المساهمين وما حدث لبعض المساهمين قبل ما يزيد عن سنة خير شاهد للجميع من أثر سيء لهذه المضاربات بصورتها الموجودة الحالية بالإضافة لتكدس رؤوس الأموال بجانب على حساب جانب آخر من المجتمع وهم كبار المستثمرين وتولد الرأسمالية بطريقة مقنعة،ويترتب كذلك على هذا الأســلوب وينتج عنه قطع أواصر الأخوة والترابط بين أفراد المجتمع الواحد وحصول الفرقة والبغضاء والشحناء بسبب ذلك،ولعلي أقف مع هذا الخبر عن جريدة الوفاق الالكترونية:الرياض: كتب هايل العبدانثبت لدى الهيئة قيام أحد المستثمرين بتملك ما نسبته (5. 22%) من شركة (صدق)، والإعلان عن ذلك في 30/8/2005م، وتملك ما نسبته (5. 4%) من أسهم شركة (مبرد)، والإعلان عن ذلك بتاريخ 1/10/2005م، ثم تصريح المستثمر لصحيفة (الرياض) في اليوم التالي بأن سبب الشراء في شركة (مبرد) هو كون الشركة تملك أكبر أسطول للنقل البري، وأنه اطلع على خططها المستقبلية التي وصفها بأنها جيدة..إلخ، وأن سبب الشراء في شركة (صدق) هو كونها من ضمن الشركات المؤسسة لشركة (ينساب) وأن خططها المستقبلية جيدة، مما يعطي انطباعاً مضللاً للمستثمرين، ويحثهم على الشراء فيهما، ثم قيامه في الأيام التالية ببيع نسبة كبيرة من أسهمه في الشركتين، وعدم الإعلان عن ذلك وفقاً للمادة (30) من قواعد التسجيل والإدراج.
 
وكان العديد من المستثمرين في الشركات الثلاث (صدق، مبرد، الغائية) قد تعرضوا لخسائر فادحة الأسبوع الماضي بعد أن رفعت إعلانات تملك أولئك المستثمرين و تصريحاتهم في وسائل الإعلان والمجالس الاقتصادية قيمة أسهمها في السوق، وخاصة سهم (مبرد) أعقبه تصريف كميات كبيرة من أسهمهم في تلك الشركات لتنخفض نسبة تملك (ابن كنهل) إلى 1.2% في شركة (مبرد) بنهاية تداول يوم الثلاثاء 04/10/2005م، فيما انخفضت نسبة تملك (ابن معيض) إلى صفر % في شركة (الغذائية) في 5/10/2005م بحسب إعلانات صادرة عن إدارات تلك الشركات، وتناقض ذلك مع تصريحات أولئك المستثمرين، مما حدا بصغار المستثمرين للتسابق نحو البيع الفوري، والذي أدى إلى هبوط حاد لتلك الشركات وتسبب بهبوطها إلى نسبها الدنيا لعدة أيام.

 

اتسعت على إثرها عمليات البيوع الجماعية من جانب المتداولين ليهبط السوق يوم الأربعاء الماضي أكثر من 400 نقطة مصحوباً بهبوط حوالي 23 شركة إلى نسبها الدنيا المسموح لها (10%). وأدى إلى حدوث خسائر فادحة في أموال صغار المستثمرين.

 

فكل ما يؤدي للإضرار بالغير جاء الإسلام بالنهي عنها وسد كل الأبواب الموصلة إليها من النهي على بيع بعض ومن تلقي الركبان والنجش لما فيه من الإضرار بالآخرين, فالمضاربات بالسلع المباحة بذاتها شرعية ولا إشكال فيها والخطأ الناتج هو خطأ وجشع وتلاعب كبار المستثمرين وكذلك عدم وجود تنظيم للسوق المالية ومراقبتها بشكل فعال، لكن ماذا يترتب على المضاربات بهذه الطريقة وهذا الأسلوب في ظل واقع السوق المالية حاليا فهل نستطيع أن نقول بالقاعدة الأصولية: ما أدى للحرام فهو حرام؟نحتاج في ذلك إلى إجابة شافية من علماء الأمة الربانين الذين هم على علم ودراية بواقع السوق المالية.

المراجع

midad.com

التصانيف

عقيدة  أقتصاد