" ألا ناصرا لهذا الدين المهتضم، ألا حاميا لما استبيح من حمى الحرم؟، وإنا للًه على ما لحق عبيده من ثكل، وعزة من ذل، فإنها الرزية التي ليس فيها عزاء، والبلية التي ليس مثلها بلاء "، (الموسوعة الشاملة 2 / 174).
حُق لأهل عصرنا أن يرددوا هذه الجملة، مما سطرها ملك بطليموس ببلاد الأندلس، ألا وهو: المتوكل على اللًه ابن الأفطس - أحد ملوك الطوائف - في كتابه الذي خاطب به أمير المرابطين يوسف بن تاشفين - رحمه اللًه تعالى رحمة واسعه - يستنجده لنشل الأندلس، وأهلها، من هجمة النصارى، فكانت معركة الزلاقة التي بها "عادت ظلمة الحق إلى أشراقها "، (ذات المصدر)، وإذا كان حق أبناء ذلك الجيل قد عاد إليهم، واستنقذوا ديارهم من براثن النصارى - لأجل مسمى - فحقنا متى يعود إلى أشراقه؟، وتنقشع عنه ظلمة قد ضربت عليه من عهود تلو عهود، ورانت عليه حتى ضجر؟.
إن من الغرائب أن بعضنا يريد العزة للأمة، والرفعة لها، بوسائل، ووسائط لا تمت لعقيدة الإسلام، وشرعته المطهرة بشيء، بل ما هي إلا نتاج عقول غربيه أو شرقيه صكها الهوى فعميت، أو الضلال فسارت خلفه، وتراهم قد حسبوا أن العلاج يتمثل في دغدغة الألفاظ العامه، والعبارات المطلقه، مما تحتمل حقا وباطلا، كألفاظ: (الفكر المتطرف) و (الفكر الإقصائي) و (الفكر الأنعزالي)، وغيرها من محدثات الألفاظ التي لا تكسر سنا، ولا تفقأ عينا، ولا تقصم ظهرا، ولا تحرر بلدا، ولا تعالج مريضا، ولا ترفع مصابا.
والأمر في ذلك ليته اقتصر على أفراد من الأمة - كحالنا - لا زمام لهم ولا خطام، بل تعدى الأمر حتى بلغ ذروة الرؤوس، ومن لهم القياد، فاغتروا بما عندهم، ونسوا ما كانوا عليه من شظف العيش، وقلة ذات اليد، وشايعهم في ذلك بعض من ينتسب للعلم بتأويل له ارتضاه، وبعضهم صمت لكبر سنه، وشيخوخة قصمت ظهره، متخوفا على نفسه فتنة قد لا يطيقها، وهناك من عذر نفسه بأن غيره قد أفتى، وبالحق صدع، وارتفع التكليف من الوجوب العيني إلى الوجوب الكفائي، وهناك من زج بهم بغياهب الرهن، فمتى يؤوب الحق؟، ومن أراد الظفر فعليه بالعدل.
متى يؤوب الحق؟، ليس لنا ولا لغيرنا طرح هذا السؤال، والأمة - كمجموع - قد غرقت في بحار من المعاص، ولوثتها أوساخ كثيرات من ذنوب المستنقعات، وإنما علينا تشخيص الداء، وتناول الأسباب، التي سخرها المولى سبحانه، وبينها لنا، والأخذ بها في العلاج لنرفع سخط الجبار عنا، ونستمطر رحمته ومغفرته، ومن ثم تعود لنا العزة، والرفعة، والأمة - وللًه الحمد - لم تخلو في ماضي الإيام - ولن تخلو - في حاضرها، ومستقبلها، من صادع بالحق، مجاهرا به، ناصحا لها، بأن لا تحيد عن النهج السوي، محذرا بأن مخالفتها مفضية بها لتسليط عدوها عليها، والإذلال، والتحقير، عقاب لها، جزاء وفاقا.
متى يؤوب الحق؟، وأحكام الدين منكسرة، وشعائره مهتضمة، وسطوته مغيبة، ولا يغرنك كثرتنا الكثيرة، ولا تعجبن بأعدادنا الوفيرة، فعند الخطوب تظهر منا الحقائق، وعند الملمات تستبين فينا الدقائق، وها هو معسكر الكفر بين أظهرنا، فأينها الفزعة؟، وها هي جموع العصاة، فأينها النُكرة؟، وها هو تيار معشر علمان وليبرال، فأينها النفرة؟، لأنك "إذا أردت أن تعلم محال الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بــ (لبيك)، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة "، (الآداب الشرعية 1 / 255).
صدق ابن عقيل الحنبلي - رحمه اللًه تعالى - فلا تنظر إلى جمع الحجيج، والثج منهم والعج، ولا يشد ناظريك جمع الجمعات، وجموع بالعيد مجتمعات، بل انظر: هل وافقوا عدوهم في شعاره ودثاره، وباطنه وظاهره أو أنهم خالفوه على ما أمرهم به الشارع الحكيم؟، فحينها ستدرك مكانة الإسلام في نفوسهم، بل قل: ستعلم مدى فقه الأمة لأركان الشرع الحنيف، وواجباته، ومكملاته، ومستحباته، ومقاصده؟، ورب العزة سبحانه يقول: (قل إن كنتم تحبون الًله فاتبعوني يحببكم اللًه ويغفر لكم ذنوبكم والًله غفور رحيم)، الآية 31 من سورة آل عمران.
إن الأمر ليس بالأماني، ولا التمنيات، ولا الرؤى أو المنامات، بل الأمر: أن حقيقة هذا الدين لا تظهر، وآثاره لا تبرز، إلا بتحقيق عقد الولاء والبراء، إلا بتحقيق شقي كلمة التوحيد، الإثبات والنفي: (فلا إله) نفي لجميع المعبودات الباطلة والطواغيت (إلا اللًه) إثبات للمعبود الحق: اللًه عز وجل، وقد عد شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه اللًه - من مقاصد الشرع الحنيف: مخالفة المشركين، وعدم التشبه بهم، وعنوان تصنيفه: إقتضاء الصراط المستقيم، مخالفة أصحاب الجحيم، واضح بارز في ذلك، وأن الشأن: صراط مستقيم أو جحيم، وحديثنا ليس عما ابتدعه الخوارج، وتبعهم فيه المعتزلة - والخلاف بينهم خلاف لفظي لا معنوي - من خلود أصحاب الكبائر في النار، بل حديثنا عن وسيلة العزة للأمة، وطريق الرفعة لها.
إن النصرة على أعداء الأمة ممن يتربص بها الدوائر، ولا يمترى في كونه مكاشحا لها، ويجاهر برغبته النيل منها، والتسلط عليها، تبدأ بنصر الإسلام عقيدة وشريعة في مجتمعات وديار: آله وأهله، وإلا فهو المخاتلة للنفس، والمخادعة للآخر، واللهث وراء سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.
لهث لن يجر له إلا النصب، والحسرة، ولن يجديه أن يعقد مؤتمرات علها تنقذه مما هو فيه؟، وتخفف عليه بعض جراحه؟، وتعالج مرضا قد آذاه، ويخاف أن يكون فيه هلكته؟، فيحاول أن يلتمس له دواء، كلا، ما هذا شأن من علم حقيقة دينه فضلا عمن لديه مُسكة عقل، واسمع لنا ولك من الًله الهداية:
لنعود لسالف الإيام، فهذا الإمام الطرطوشي المالكي - رحمه اللًه - يقول من بين ما سطره في خطابه للأمير يوسف بن تاشفين - رحمه اللًه - بعد البسملة والحمدلة: "يا أبا يعقوب، لقد بليت بأمر لو حملته السموات لانفطرت، ولو حملته النجوم لانكدرت، ولو حملته الأرض والجبال لتزلزت وتدكدكت، إنك حملت الأمانة التي عرضت (على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها)، الآية 72 / الأحزاب.
وإني لأخاف عليك أشد الخوف، فاتق اللًه يا أبا يعقوب في أمة محمد، فإن لك مع الًله تعالى موقفا يسائلك فيه عنهم شخصا شخصا، ذكرا وأنثى، صغيرا وكبيرا، حرا وعبدا، مسلما وذميا، فأعد لذلك المقام كلاما، ولذلك السؤال جوابا، فالذي نفسي بيده إن ذلك (لحق مثل مآ أنكم تنطقون)، الآية 23 / الذاريات.
واعلم يا أبا يعقوب: أنه لا يزني فرج في ولايتك، ومدى سلطانك، وطول عمرك، إلا كنت المسؤول عنه، والمرتهن بجريرته، وكذلك لا يشرب فيها نقطة مسكر إلا وأنت المسؤول عنها، ولا ينتهك عرض امرىء مسلم إلا وأنت المطالب به، ولا يتعامل بالربى إلا وأنت المأخوذ به، وكذلك سائر المظالم، وكل حرمة انتهكت من حرمات اللًه تعالى فعدتها عليك، لأنك القادر على تغييرها، فأما ما خفي من ذلك ولم يكن ظاهرا يراه المسلمون فأنت المبرأ منه إن شاء الًله تعالى.
ألا تر إلى عمر بن الخطاب كيف أشفق أن يطالبه الًله ببعير من إبل الصدقة؟، وإنما هو البعير للمسلمين، فركب على بعيره، وجعل يطلبه بنفسه، ولا عذر لك عند الًله تعالى أن تقول: لم يبلغني، فإنك إذا احتجبت عن المسلمين فكيف تعلمه وتراه، قال الًله تعالى: (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون)، الآية 79 / المائدة، من تركهم الأنكار، وإنما قاله لقوم سخط عليهم، هذا بين الأكفاء والنظراء، فما ظنك بين الولاة والأمراء؟.
فاحذر يا أبا يعقوب أن ترد على جنة عرضها السموات والأرض فلا يكون لك فيها موقف قدم، عاذنا اللًه وإياك من هذا الموقف، ولقد بلغني يا أبا يعقوب: أنك احتجبت عن المسلمين بالحجارة والطين، واتخذت دونهم حجابا، وأن طالب الحاجة ليظل يومه ببابك فما يلقاك، كأنك لم تسمع قول اللًه عز وجل: (ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق)، الآية 7 / الفرقان.
أنك استأثرت على المسلمين بالحظ الوافر من حطام الدنيا، وزخرفها، فلبست الناعم، وأكلت اللين، وتمتعت بلذاتها، وشهواتها كأنك لم تسمع قول اللًه عز وجل: (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها)، الآية 100 / الأحقاف.
واعلم يا أبا يعقوب: أن اللًه تعالى فرض الجهاد على كافة المسلمين ولا يرده جور جائر، ولا فسق فاسق إلى أن تقوم الساعة قال اللًه تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالًله واليوم الآخر)، الآية 29 / التوبة، فجهاد الكفار فرض عليك فيما يليك من ثغور،لأنك أقرب الملوك إليها، وعندك الكراع، والسلاح، ولأمة الحرب، وآلتها، وجيوش المسلمين، وحماة البيضة طائعون لك "، (الموسوعة 2 / 898).
هذا جزء من خطاب الإمام محمد بن الوليد الطرطوشي إلى الأمير يوسف بن تاشفين - رحمهما اللًه تعالى وأجزل لهم المثوبة - مثوبة النصح والإبلاغ للدين من الإمام، ومثوبة السمع والتلقي من الأمير، هذا الأمير الذي قضى أكثر من نصف قرن في الجهاد، وتوفي - رحمه الًله - وقد جاوز المائة، وهو الذي ينسب له الفضل - بعد اللًه عز وجل - بإطالة مكث معشر الإسلام في الأندلس لأربعة قرون، بعد أن كان وجودهم مُهددا بالتلاشي، والقضاء عليه من النصارى الأسبان، إثر انتصاره عليهم بموقعة الزلاقة، أفلا نصرا للإسلام كهذا النصر؟.
ثم تدبر فيما خطه الإمام الطرطوشي، وتمعن فيه، وهو قوله: "لأنك قادر على تغييرها، فأما ما خفي من ذلك، ولم يكن ظاهرا يراه المسلمون، فأنت المبرأ منه إن شاء اللًه تعالى ".نعم فهي القدرة، والوسع، التي بوسع السلطان أكثر من غيره، واللًه عز وجل يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وتدبر حالنا، وحال أمتنا التي يُراد لها نصرا، وهي من هي في التنافس في نشر المحرمات، وإظهار المنكرات، وإعلان الكبائر الموجبات إذ الربا، والخمر، والغرر، والقمار (التأمين التجاري)، أضحى لكل منها قوانين، ونظم تحميه، وتقرره بيننا، وصحف، ومجلات، ودوريات سيارة بالسفور، والتبرج، ومشكلتك الغرامية، والتعارف، والمراسلة بين الذكور والأناث، وجميعه شائع غير خاف، ودور الخنا، وتجارة الرقيق الأبيض تمارس علنا، وإذاعات، وفضائيات، ومواقع بالشبكة، تمارس أدوار نشر الرذيلة، والفحش، وتعري، واختلاط على شواطىء البحر، والأسواق، والطرق.
إنّ من نصر الإسلام في مجتمعات الأمة، أن يُقضى على المفاسد الآنفة، والمنكرات الشرعية، التي أضحى وجودها بين أظهرنا مما لا يخفى على أحد، وتقرير أوامر الشرع، وأحكامه الواجبة في ناشريها، والعاملين على إذاعتها بيننا، تقويضا منهم لمجتمعاتنا، وهدما لصرح الإيمان في نفوسنا، وردما لأركان الإسلام في جوارحنا، فهذا سبيل من سبل أخرى لنصر الإسلام. 
يقول العلامة محمد سلطان الخجندي - رحمه اللًه تعالى - في تفسير قول اللًه عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن اللًه مع المتقين)، الآية 123 / التوبة: "وكلما قام ملك من ملوك المسلمين وأطاع أوامر اللًه وتوكل على اللًه، فتح اللًه عليه من البلاد ما شاء بقدر ما فيه من ولاية اللًه، كما هو المشاهد المعلوم، كما فتح اللًه تعالى..، ولايات الحجاز، والحرمين، وعامة جزيرة العرب، لنصرهم دين اللًه، وقيامهم بتوحيد اللًه حق القيام، فاللهم ثبتهم على الحق، وأيدهم بتوفيقك، وأيد دولتهم إلى الأبد على الصراط المستقيم.وأما إذا انحرفوا عن الصراط المستقيم، الذي ميزانه القرآن وسنة المصطفى، سلب اللًه تعالى عنهم الدولة، وسلط عليهم غيرهم، حتى يذوقوا الذل، ويُحقرّونهم تحقيرا، (ذلك بأن اللًه لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الآية 53 / الأنفال، (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون)، الآية 129 / الأنعام، (تمييز المحظوظيين / 222)، ولينظر كل إلى نفسه وحاله، وهل غير وبدل؟، بعد أن فتح اللًه تعالى عليه البلاد، واستخلفه على العباد، لا نعمة له واختصاصا بذاك، بل ابتلاءا وتمحيصا، ولأن الأسلاف منكم جروا بمقتضى السنن الشرعية والكونية التي لا تحابي ولا تداري، ولا تنحرف ولا تحيد، واللًه عز وجل لا يظلم مثقال ذرة، وإن تك حسنة، فاستخلفهم حينما استقاموا واطاعوا، وسيغير على الأخلاف إن بدلوا، وأحدثوا من عند أنفسهم، وما ربك بظلام للعبيد.
يا أهل الجزيرة - بمعناها الأعم لا اختصاصا بجزء - اتقوا اللًه تعالى، واعلموا أن لكم دورا في مُجريات الأحداث التي تخطفتنا من هنا وهناك، ولسنا - عياذا باللًه - نتقدم بين يدي اللًه عز وجل، ونزعم أن اللًه رحمكم ودفع عنكم بأبناء لكم طارت أجسادهم لأرض الجهاد، كلا، فالغيب للًه وحده، ولكن: اتقوا اللًه في أبناء لكم، نشئوا - فيما نحسب واللًه حسيبهم - على حب الإسلام وأهله، وعاينوا إخوة لهم في الدين، وقد تسلط عليهم النصارى بفعلكم، ومساعدتكم وعونكم لهم، فطارت لهم افئدة وأجساد لأرض الأحرار، نصرة لدينهم، وأخوانهم، ألا تركتوهم؟، وأي عقل هذا الذي يُجيز أن تقام بيننا عساكر الغرب، ودساكرهم لينطلقوا لإخوة لنا ذبحا، وهتكا، وأسرا، ولا يجيز لأبنائكم أن ينطلقوا من ذات الأرض، ولذات الأرض؟، باللًه عليكم أي عقل يجيز ذلك؟، وأي عقل هذا الذي يبيح أن ينشر أهل الفسق فسقهم ومجونهم بيننا، ولا يبيح لأهل التقى، والورع الأنكار؟، وأي عقل هذا الذي يترصد لأهل الشمم على الحدود، ولا يترصد للنصارى الذين يجتازون ذات الحدود؟، اتقوا اللًه تعالى.
لا نقول: أي شرع هذا؟، لعلمنا أن الشرع الحنيف أضحى يُمال به ذات اليمين، وأخرى لذات الشمال، والأدلة أكثر من عدها، وتسويد ذكرها هنا، وقد أسلفنا أمثلة لمعاص، ومنكرات منتشرة في ديار الإسلام، فإينها أحكام الشرع المطهر منها، ومن ناشريها؟.
إنّ للإسلام: ربّ عز شانه، وجل في علاه، هو ناصره، لم يخص به قوم دون غيرهم، ولم يبعث عبده محمد صلى اللًه عليه وآله وسلم لجنس دون آخر، وليس لأحد فضل على آخر إلا بالتقوى، ولم يكل أو يسند حفظ دينه ونصرته لفلان أو فلان، كلا واللًه، فأنتم وما ترغبون يا معشر الجزيرة، فالخريدة لن تكون هديتكم هذه المرة، وقد فعلتم الذي فعلتموه، وإنما هي سنن من اللًه عز وجل ستصيب من تعرض لها في الدنيا، وحسابه في الآخرة عند ربه تعالى.
فالنداء لكم "أيها المؤمنون لا تتولوا الكافرين أبدا، ولا تتخذوهم لأنفسكم أولياء أو أصدقاء، وإلا فتستحقون غضب اللًه، وتبتلون بعذاب اللًه، فتندمون، ولكن لا ينفعكم الندم"، (تمييز المحظزظيين / 296)، وعليكم أن تفقهوا أنه "حيث ترك المسلمون العمل بكتاب اللًه وسنة رسول اللًه صلى اللًه عليه وسلم، تركهم اللًه تعالى، بحيث تسلطت عليهم الكفار، واستولت على أوطانهم الفجار، فحكمت عليهم بما شاءت من قانون جبار، وأذلتهم تذليل الحمّار للحمار "، (تمييز المحظوظيين / 324).
إنّ لترك الأمة كتاب اللًه، وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، تسلط عليكم الكفار وأعملوا أحكامهم عليها، تارة بالرضى، وذاك باستيراد قوانين الغرب، وتحكميها في مجتمعاتنا، وتارة عبر إنظمة وقوانين هُبل الأمم، المسمى (الأمم المتحدة)، وشرعته الدولية، وتارة بالإكراه وذلك بالاحتلال العسكري لديار الأمة، وتارة بالمعاهدات الأقتصادية التي تجرى عبر منظمات دولية كمنظمة الجات، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، فارتهنتم بمعاصيكم لهم، وأنتم وما ترغبون، فالخريدة لكم هدية.
إن إسلامنا العظيم له ربّ السموات والأرض ينصره، ثم من شآء من عباده يسخرهم، ولينصرن اللًه دينه، ويذل الكافرين، ويمحق الفاسقين، وسلاما على جيل هدم فيه صرح الإيمان، ومنه من لا يفقه عقيدة ولا شريعة، أفلا ناصرا منكم للإسلام المهتضم؟.
 
 
 
 

المراجع

عودة و دعوة دوت كوم

التصانيف

عقيدة