تشكل تقلبات أسعار النفط ضغوطا على البلدان النامية كي تبحث عن سبل لتذليل الصعوبات في سوق النفط ومنها الأردن.
السياسات الحكومية التي اتبعت منذ انتهاء خطة تحرير المشتقات النفطية باستثناء الغاز، لم تفلح كثيرا في حماية الشرائح سريعة التأثر بارتفاع الأسعار لمحدودية مواردها المالية.
محاولات الدول كانت متباينة فكل حاول وفقا لطبيعة بلاده، إذ جرّبت دول كثيرة منها الصين أسلوب "تهدئة الأسعار" حيث يحدد البلد المعني مستوى مستهدفا لسعر النفط. فتقوم الحكومة بدعم النفط إذا تجاوز السعر العالمي هذا المستوى، وتفرض ضرائب عليه إذا انخفض دونه.
بيد أن هذه السياسة تنتهي في أغلب الأحوال بالتشجيع على زيادة استهلاك الوقود ودعم الأثرياء.
في الاردن كما في اندونيسيا، قامت الحكومة بإصلاح هيكل دعم الوقود وتعويض الفقراء عن طريق تقديم تحويلات نقدية مشروطة، إذ قامت الحكومة بتقديم تعويضات نقدية لهذه الغاية.
لكن الواقع يظهر أن هذه السياسة لم تفلح في حماية شرائح كبيرة من الأردنيين من تبعات معدلات التضخم التي تجاوزت 13.7 % خلال النصف الأول.
ومن تلك السياسات ما ارتبط بالضرائب، إذ قررت الحكومة إعفاء سلع غذائية أساسية من الضرائب، لكن هذه الخطوة أيضا لم تؤت أكلها، كون ارتفاع أسعار هذه السلع كان عالميا. بالمقابل استبعد المسؤولون فكرة إعفاء المشتقات النفطية من الضريبة رغم أثرها المباشر والسريع على كلف مختلف السلع والخدمات.
كذلك، يؤكد التقرير أن الإنجازات ما تزال محدودة في مجالات الطاقة البديلة، سواء الشمسية، الرياح، الصخر الزيتي، واليورانيوم.
بعد كل هذه المحاولات ضعيفة الأثر يتضح أن على الحكومة اللجوء إلى أساليب جديدة لمواجهة التقلبات النفطية احدها ما يسمى "التحوّط"، باستخدام أدوات مالية مثل العقود المستقبلية وعقود الخيارات الآجلة وهو ما من شأنه الحد من مخاطر الأسعار مقابل بعض التكلفة.
لجوء الحكومات إلى سياسة التحوط نادر، لكنه مستخدم من قبل البعض، ويتطلب قدرا كبيرا من الخبرة كونه يأتي بنتائج عكسية إذا لم يطبق برقابة داخلية وهيكل للإدارة العامة.
يمكن لمختلف البلدان تكوين مخزون من النفط تستطيع استخدامه في التخفيف من آثار نقص مؤقت أو صدمة سعرية قوية. ومن الحلول الأطول أجلاً التحوّل إلى أنواع بديلة من الوقود، بما في ذلك الوقود المتجدد أو الوقود الاصطناعي، أو الحد من استخدام الطاقة عن طريق زيادة كفاءة استخدامها أو عن طريق الحد من كمية الطاقة المستخدمة في الإنتاج، وهو الأمر الذي أصبح من الأولويات.
لا ننسى أن أشد الناس فقرا على سطح هذا الكوكب هم أكثر الناس تعرضا لآثار تغير المناخ، كما أنهم معرضون بدرجة كبيرة لآثار ارتفاع أسعار الوقود والغذاء. فعادة ما تشكل أسعار الغذاء والطاقة أكثر من 70 في المائة من سلة استهلاكهم.
قد تفيد سياسة التحوط في هذا الوقت بعد ان تراجعت أسعار النفط إلى مستويات قد لا نعود نراها او نسمع بها مجددا اذ ارتد سعر البرميل صعودا وهو امر متوقع لأسباب سياسة واقتصادية.
كما أنها تحمي من عواقب خطيرة على المدى البعيد. إذ إن الأسر الفقيرة ستخفض إنفاقها على استهلاك الغذاء وعلى التعليم، ما يضعف فرصة هذه الفئة على التخلص من براثن الفقر المتاح فقط من خلال فرصة تعليم جيدة.
تختلف الآراء حول توجهات أسعار النفط عالميا إذ يرى اقتصاديون أن تراجع أسعار النفط في الوقت الحالي ليس إلا حركة تصحيحية، سيعاود الذهب الأسود صعوده ليسجل أرقاما قياسية جديدة.
لكن وجهة النظر المقابلة تؤكد أن مستويات أسعار النفط تشهد تضخما "غير منطقي". ويتوقع أصحاب هذه النظرية أن تسلك الأسعار اتجاها تنازليا حتى تنزلق دون 100 دولار للبرميل.
بين التوقعات الصعودية والهبوطية وحالة عدم اليقين لا مفر للحكومة من اتخاذ إجراءات سريعة للتحوط تساهم في حماية الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل من تقلبات الأسعار المفاجئة قبل غزوة الشتاء.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة