ليست المرة الأول التي يتأخر تنفيذ عطاءات المشاريع التنموية في جيوب الفقر، إذ عانى تنفيذ هذه المشاريع من تباطؤ واضح في لسنوات خلت، رغم الاهتمام الكبير الذي يوليه جلالة الملك عبدالله الثاني لهذه القضية التي تؤرق الأردنيين وتقض مضاجعهم.
ويبدو أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الأردنيون بشكل عام، والفقراء منهم بشكل خاص، لم تحفز القائمين على هذه المشاريع لإتمامها، رغم أنها أولوية لمناطق تعاني من فقر قاس.
كذلك، لم تدفع معدلات التضخم القياسية التي بلغت 14.9% خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي الجهات لمتابعة هذه المشاريع والانتهاء منها لتساهم بالتخفيف ولو قليلا عن مئات الأسر التي تعيش في ظروف اقتصادية غاية في التعقيد والصعوبة.
مؤشرات التأخير متعددة ومنها تأخر طرح عطاء المرحلة الثانية من مشاريع جيوب الفقر لمدة عام ونصف، إذ كان من المفترض الانتهاء من طرح عطاء المرحلة الثانية منتصف عام 2006 على أبعد تقدير إلا أن خط سير العمل ما يزال يسير ببطء واضح.
ومن دلالات التأخير تمديد تنفيذ المرحلة الأولى التي تتضمن عشرة مشاريع تتوزع على عشرة جيوب حتى نهاية العام.
سنوات مضت على إطلاق هذه المبادرة التي رصدت لها الحكومة في الأعوام 2005 و2006 ما مقداره 10 ملايين دينار لتنفيذ مشاريع تنموية في جيوب الفقر، وتوزعت في حينه مناصفة بين عامي 2005 و 2006.
التلكؤ في العمل غير مستساغ في قضية عادية فكيف إن تعلق الأمر بجيوب الفقر؟!، إذ يصبح الحال أصعب حين يكون الأمر متعلقا بإحدى الأولويات التي تقض مضجع الكثير ممن يرزحون تحت خط الفقر في هذه المناطق مهما كان السبب المطروح لتعليل أسباب التأخير.
فعدد السكان الذين يعيشون في جيوب الفقر ليس قليلاً، وبلغ حسب ما جاء في دراسة جيوب الفقر في الأردن التي أعدتها الوزارة 400143 نسمة يتواجدون في 20 منطقة تزيد فيها نسب الفقر على 6ر26% وتصل إلى 3ر73% في مناطق أخرى تتوزع على 254 منطقة تجمع سكاني.
ما عاناه طرح عطاء المشاريع ينطبق أيضا على فكرة تقديم التدريب لأفراد المجتمع المحلي لإدارة المشاريع التي حلموا بها وإدامتها وتوفير نافذة تمويلية للإقراض وتحسين البنية التحتية في المنطقة وتعزيز دور البلدية التنموي، بهدف خلق اقتصادات محلية أكثر استدامة بالاعتماد على أنشطة اقتصادية ذات جدوى لإحداث أثر مباشر في حياة الأفراد من خلال فرص العمل المتاحة والدخل المتحقق من المشاريع الإنتاجية.
المرحلة الثانية التي تأخرت 18 شهرا تشمل عشرة جيوب فقر هي؛ الجفر، المريغة، وادي عربة، غور الصافي، الحسينية، أم الرصاص، الجيزة، دير الكهف، الهاشمية والأغوار الجنوبي، وتتوزع الجيوب على خمس محافظات هي العاصمة ومعان والعقبة والزرقاء، بالإضافة الى المفرق.
دراسة تقدير مؤشرات الفقر 2005 قدرت نسبة الفقر في المملكة بنسبة 7ر14 بالمائة مقارنة مع 2ر14 بالمائة العام 2002، كما ارتفع خط الفقر العام في المملكة ليبلغ 504 دنانير سنويا للعام 2005 بزيادة مقدارها 6ر28 بالمائة عما كانت عليه العام 2002 والبالغ آنذاك 396 دينارا.
عدم الاكتراث الذي يلقاه برنامج جيوب الفقر يأتي رغم تسارع وتيرة الفقر في الريف بشكل أكبر مما هي عليه في الحضر، إذ ارتفعت نسبة الفقر في الريف بما مقداره 1ر4 نقطة مئوية في حين إن نفس النسبة ارتفعت في الحضر بما مقداره 2ر0 نقطة مئوية.
لا شك في أن العلاقة الآن بين معالجة الفقر في الجيوب والتخفيف من حدته وبين حجم الجهد المبذول علاقة عكسية، الأمر الذي يتطلب وقفه ومراجعة للوقوف على السلبيات، خصوصا ما يتعلق بالجهة المسؤولة عن متابعة هذه البرامج، لإعادة الحياة للبرنامج الذي بدأت عروقه تجف.
فمسألة في غاية الأهمية مثل الفقر وجيوبه تحتاج لجهة متحمسة للعمل وتسعى لإحياء ملف الفقر التائه بين الوزارات والمهمل لصعوبة العمل فيه وجديته العالية.
سكان هذه المناطق ما زالوا ينتظرون، منذ عام 2005، أن يمتلكوا مشاريع إنتاجية توفر لأسرهم دخلاً إضافياً وترتقي بمستواهم المعيشي ولو قليلا، لكن يظهر أن صبرهم سيطول، والله أعلم متى سترى هذه المشاريع النور!!.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة