في الوقت الذي تعتزم فيه الحكومة زيادة الاقتراض من السوق المحلية، نزعت بنوك إلى رفع أسعار الفائدة على القروض السكنية في خطوة مثيرة للجدل أجهضت توقعات بانخفاض أسعار الفوائد لحاقا بمنحى الفدرالي الأميركي الهبوطي منذ أشهر.
ويبدو أن البنوك المحلية بخاصة الصغيرة منها تميل إلى إقراض الحكومة أكثر من القطاع الأهلي والخاص للاستفادة من تعليمات المركزي التي لا تفرض عليها إيداع مخصصات إجبارية لدى المركزي نفسه.
وتبلغ نسبة المخصص الإجباري 8 إلى 9% من إجمالي الودائع والقروض بحسب بازل 2.
توجه البنوك لزيادة اسعار الفائدة يخالف القاعدة النقدية بأن ارتفاع السيولة لدى البنوك يدفعها لتخفيض معدلات الفائدة.
ويمكن تفسير مسلك البنوك إلى سعيها لتقليص حجم القروض الممنوحة للأفراد من أجل زيادة فرصتها في تقديم هذه القروض للحكومة.
بمعنى ان الحكومة تنافس المستهلك والقطاع الخاص على الاقتراض من المصارف، لا سيما أنها تسعى للحصول على قروض محلية بقيمة ملياري دينار كمصدر لتمويل إيرادات موازنتها العامة، بحسب ما جاء في قانون الموازنة لعام 2008.
وبالمتوسط يرتفع الهامش بين الفوائد على القروض والودائع لتتراوح بين 4.5- 5.5 بالمائة، إذ تصل نسبة الفائدة على القروض إلى 9 بالمائة مقارنة بمعدل 4 بالمائة على الإيداع.
أيضا جرت العادة خلال السنوات الماضية أن تلحق أسعار الفوائد محليا مثيلتها على الدولار عالميا. لكن البنك المركزي أبقى على أسعار الفوائد مرتفعة هذه المرة، الأمر الذي يفسره المحللون بسعيه إلى ضبط معدلات التضخم المرتفعة خلال العام الحالي، والتي يتوقع أن تتجاوز 9 بالمائة.
لكن مسؤولاً في أحد البنوك المحلية يقول إن زيادة الطلب على القروض ساهم برفع أسعار الفوائد، كذلك طال ارتفاع تكلفة جميع أسعار السلع والخدمات معدلات أسعار الفائدة.
ويتحمل عملاء المصارف جزءا من المسؤولية بالإبقاء على أسعار فوائد مرتفعة بسبب إقبالهم على الاقتراض وعدم مراجعة عقود القروض، التي تتضمن مادة تسمح للبنك برفع أسعار الفائدة عما كان متفقا عليه بين البنك والعميل لدى الحصول على القرض.
الإجراءات البنكية المتبعة عند رفع أسعار الفوائد لا تقتصر على القروض التي تأتي بعد الزيادة، بل تشمل القروض التي حصل عليها الزبائن قبل رفع الأسعار وسعي البنوك لتحقيق المزيد من الأرباح بأثر رجعي وعلى حساب المواطن.
لذا تستمر مطالبات اقتصاديين ومتعاملين مع المصارف، للبنك المركزي بالتدخل لتخفيض الهامش بين أسعار الفائدة الدائنة التي تمنحها البنوك على الودائع وأسعار الفائدة المدينة على القروض المصرفية، التي باتت تشكل عبئا كبيرا على المواطنين وتترك آثارا سلبية على الاقتصاد، إذ أن الهامش بين أسعار الفوائد الدائنة والمدينة يتسع ويثقل كاهل المقترضين ويحقق أرباحا كبيرة للبنوك في الوقت ذاته.
وارتفع الوسط المرجح لأسعار الفائدة الدائنة سبع نقاط العام الحالي عن أسعاره عام 2006 ليبلغ 94ر9 بالمائة، في حين زاد على أسعار الفائدة على الودائع 9 نقاط فقط ليبلغ 49ر5 بالمائة بدلا من 4ر5 بالمائة.
أما الفرق بين الفائدتين فمرتفع جدا ويصل 45 ر4 بالمائة فيما ترتفع النسبة التي تربحها البنوك في المتوسط، إذ تفرض فائدة أعلى على بعض المدينين ورسوم إضافية وعمولات.
بشكل عام ينبغي أن تكون نسبة هامش الربح بين الفائدتين 2 بالمائة لا أكثر، لا سيما أن هذا المعدل معقول ويحقق أرباحا للبنوك ويخدم المواطن بالحصول على قرض بأسعار فائدة يستطيع سدادها، كما أنها تمنح المودعين في البنوك أسعار فائدة مقبولة على ودائعهم.
فتخفيض أسعار الفوائد على الاقتراض يعد جزءا من مسؤولية المصارف الاجتماعية التي ينبغي عليها أن لا ينحصر هدفها بتحقيق الأرباح بل يتجاوز ذلك لحفظ التوازن في السوق.
كذلك، ينعكس تخفيض أسعار الفوائد إيجابا على الصناعيين بخاصة المصدرين منهم، كما يزيد تنافسية الصناعة الوطنية أمام الصناعات العربية لا سيما أن تخفيض معدلات الفوائد يقلل تكلفة الإنتاج للسوق المحلية ويزيد التنافسية على المستوى المحلي مقارنة بالسلع المستوردة.
فالتخفيض يقوي تنافسية الصادرات الوطنية في ظل اتفاقيات التجارة المتعددة آخرها اتفاقية التجارة الحرة العربية، ويساهم في تحريك الدورة الاقتصادية التي تتجه إلى الركود بفعل ارتفاع تكاليف التشغيل وانخفاض مستوى معيشة الأردنيين.
وفي الإجمال، يؤثر تخفيض الفوائد إيجابا على مختلف القطاعات الاقتصادية ومنها الإنشاءات والتجارة، كما يدفع عجلة النمو ويحول دون الوقوع في دائرة التراجع الاقتصادي.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة