منذ سنوات والملفات المالية بين الأردن والعراق عالقة من دون التوصل إلى حل ينهي هذه المسألة الشائكة التي لم تتمكن حكومات متعاقبة من تجاوزها رغم الاجتماعات المتكررة التي عقدت لهذه الغاية طوال الفترة الماضية.
زيارة رئيس الوزراء المهندس نادر الذهبي المنتظرة إلى العراق تفتح الشهية مجددا للحديث حول استرجاع أموال أردنية لدى العراق منذ 2003، وإنهاء الملفات المالية العالقة بين البلدين.
الدَّين الأردني على العراق هو بمثابة مبالغ دفعتها خزينة المملكة لتجار ومصدرين بموجب بروتوكول كان يجدد سنويا بين عامي 1991 و2003، مقابل بضائع وأغذية كانت تدخل السوق العراقية خلال فترة الحصار الاقتصادي المفروض عليها.
ويقدر حجم ديون البنك المركزي الأردني على نظيره العراقي بـ1.080 بليون دينار، فضلاً عن 130 مليونا سددها البنك المركزي عن تجار أردنيين كانوا يتعاملون مع العراق لم يحصل منها الأردن على أي مبلغ.
أما العراق فيطالب الأردن بـ500 مليون دولار تم تجميدها عقب تغيير نظام الرئيس الراحل صدام حسين كونها تعود لأقطاب السلطة العراقية السابقة.
الحوار بين البلدين لم ينته وكل منهما يقدم حججه وذرائعه، فبغداد ترى أن الديون العراقية هي فواتير تصدير وتسهيلات مصرفية تراكمت في إطار بروتوكول تجاري كان يموّله المركزي الأردني في أثناء الحصار الدولي الذي ضُرب على العراق خلال العقد الماضي.
أما الديون المستحقة لـ"المركزي"، فتراكمت منذ العام 1985 وحتى سقوط النظام السابق، علما بأن العراق كان الشريك التجاري الأول للمملكة في تلك الحقبة، حيث كان كثير من المصانع المحلية يعمل فقط لتزويد السوق العراقية باحتياجاتها.
أهمية الحديث عن إغلاق هذا الملف تتزايد وتصبح أكثر إلحاحا في ظل الظرف المالي الصعب الذي يعيشه الاقتصاد وكذلك الخزينة التي تراجعت إيراداتها من الضرائب خلال الربع الأول من العام الحالي بنحو 180 مليون دينار نتيجة تباطؤ الطلب.
والمأزق الاقتصادي يرشح تزايدا في عجز الموازنة العامة عن تقديرات موازنة العام الحالي والتي بلغت زهاء 688 مليون دينار لتتجاوز بليون دينار.
من هنا بالضبط، ولهذه الأسباب تأتي أهمية استرجاع هذه المبالغ أو جزء منها للخروج من الحالة المربكة التي تمر بها المالية العامة، وتعويض الفاقد من الإيرادات.
وفضلا عن ذلك، ثمة ملفات اقتصادية أخرى يمكن فتحها إلى جانب الملفات السياسية، ومنها السعي لكسر الفيتو غير المعلن على التعامل مع المستثمرين الأردنيين والشركات الأردنية، لا سيما أن العراق مقبل على مرحلة إعادة إعمار خصصت لها بلايين الدولارات.
الفرصة متاحة الآن لبعث أمجاد العلاقات التاريخية بين البلدين، وتحقيق الاستفادة المشتركة للطرفين، فالعراق ما يزال بحاجة للأردن كمنفذ رئيس له، كما أن الأردن يتطلع إلى توثيق العلاقات مع بلد تربطه به صلات خاصة ويقيم بين ظهرانيه أكثر من نصف مليون عراقي وجدوا في الأردن ملاذا آمنا وبيتا تغمره الطمأنينة.
زيارة الذهبي مهمة وحاسمة إذا جرى استثمارها بشكل ذكي، بعيدا عن الاعتبارات الدبلوماسية التي تحجب المغالاة فيها المطالبة بفتح الملفات الضرورية التي يكتسب بعضها بعدا استراتيجيا.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة