يشي تراجع أرباح البنوك العاملة في السوق المحلية خلال الربع الأول من العام الحالي بنسب تتراوح بين 20 و30%، بأن البنوك بدأت تجني نتائج ما صنعت من سياسات اقراضية منذ الربع الأخير من العام 2008.
حصاد البنوك جاء نتيجة تشددها في منح التسهيلات التي تراجعت قيمتها 140 مليون دينار خلال الربع الأول من العام الماضي ما تسبب بانكماش أرباحها تماما كما حل بحجم القروض التي تمنحها.
ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى انخفاض ربحية البنوك، قرارات البنك المركزي المتمثلة بخفض الفائدة على شهادات الإيداع التي تستثمر بها البنوك مقابل أسعار فائدة، وتخفيض الفائدة على الودائع لليلة واحدة لتبلغ 3%، والتي تصنف ضمن قائمة موارد أرباح البنوك.
ولا يغيب عن البال، أن تراجع مستويات الإقراض تزامن مع ارتفاع حجم الودائع ليبلغ 18 بليون دينار، نتيجة للقرار الحكومي القاضي بضمان الودائع حتى نهاية 2009، الأمر الذي زاد كلفة الأموال على البنوك نتيجة ارتفاع قيمة خدمة الودائع.
الآن وبعد هذه النتائج، من المنطق أن تعاود البنوك حساباتها وأسس منحها للتسهيلات التي بالغت الفترة الماضية في التشدد فيها، إذ يبدو جليا أن سياستها أضرت بها وبإيراداتها قبل أن تضر بالقطاعات الاقتصادية الأخرى.
ومن غير المستبعد أن تصبح البنوك أكثر تساهلا في منح التسهيلات خلال الفترة المقبلة، لتكون معاييرها أكثر عقلانية ومسؤولية لإعادة الحيوية لبعض القطاعات المتضررة من تشددها من ناحية، وتعويض جزء من خسائرها وتنهي السنة المالية بنتائج مرضية لمساهميها والمستثمرين فيها.
وحتى تستعيد البنوك دورها الحقيقي عليها أن تلتزم بقرارات البنك المركزي الهادفة إلى تخفيض معدلات الفائدة، حيث تؤكد مسلكيات بعضها أنها لا تعبأ بهذه القرارات بل تأتي بعكسها؛ إذ بادر العديد منها إلى رفع معدلات الفائدة خلال الفترة الماضية أملا في تعويض التراجع الحاصل لديها في بند عوائد التسهيلات.
وليس انحيازا ضد البنوك إذا ما قيل أن أخبار تراجع أرباح البنوك التي تزامنت مع توجه حكومي لتثبيت ضريبة الدخل على البنوك وإبقائها عند مستوى 35%، تبدو ايجابية، فعدد كبير من المؤسسات المصرفية لم تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية في هذه المرحلة الصعبة، حيث قام بعضها بتسريح بعض عمالته، وامتنع آخرون عن منح التسهيلات.
مسلك المصارف خلال الأزمة لم يعكس حسا بالمسؤولية لدى هذا القطاع تجاه الاقتصاد، حيث أن فكرة تخفيض الضريبة على البنوك لتبلغ 25% لن يعود بالنفع على الاقتصاد ولن يدفع البنوك إلى إعادة استثمار الأموال الفائضة لديها نتيجة تخفيض الضريبة في الاقتصاد الوطني.
المتبع لأداء البنوك إبان الأزمة يعرف أن أي امتيازات حصلوا عليها أو سينالونها في المستقبل لن تصب في خدمة قطاعات اقتصادية أخرى ولن تفضي بالضرورة إلى ضخ مزيد من السيولة في الاقتصاد، ما يضعف الفرص بتخفيض الفائدة على هذا القطاع.
ثمة طلب متزايد وهناك عروض لإقامة مصارف جديدة أجنبية ما يعني أن القطاع مجد اقتصاديا ومغر للاستثمار، والباب مفتوح أمام البنوك لإعادة حساباتها وسياساتها التي جنت نتائجها خلال الفترة الماضية، فها هي نتائجها المالية تؤكد ما كانت تنفيه باستمرار حول تشددها في منح التسهيلات.
مصلحة البنوك والقطاعات الاقتصادية تفرض إدارة عجلة منح القروض وتخفيض الفوائد، حتى يستفيد الجميع، قبل ضياع الفرصة وإلحاق الخسائر بالجميع.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة