لنتخيل رواية على هيئة هذا السيناريو: تقرر الدولة بالمشاركة مع مجموعة من البنوك والشركات ومع المجتمعات والأفراد الاستثمار في شبكة من الشراكة على النحو التالي: تقيم الدولة بالشراكة مع المواطنين والقطاع الخاص أنبوبا لنقل المياه من العقبة إلى البحر الميت، تقوم عليه وحوله مشروعات لتحلية مياه البحر وتوليد الطاقة وتربية الأسماك والسياحة، وتنقل المياه المحلاة إلى البادية، والسهول والسفوح الخالية من الزراعة والسكان.
وتقوم شراكة بين مواطنين ومستثمرين وخبراء في تربية المواشي والثروة الحيوانية من أجل إقامة مشروعات عملاقة لتربية الأغنام والأبقار على امتداد البادية، حوالي عشرة ملايين رأس من الأغنام ومليون رأس من الأبقار، ومليون رأس من الإبل، ومائة مليون طير من الدجاج، وآلاف برك الأسماك، يعمل في هذه المشروعات حوالي مائة ألف مواطن من مربي المواشي والطيور والأسماك، والمهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين.
ولأجل توفير الأعلاف والغذاء تقام مشروعات واسعة في البادية لزراعة الحقول والمراعي والغابات يمكن أن تستوعب مائتي ألف مواطن من المزارعين والمهندسين الزراعيين.
وتنشئ البنوك والشركات والمجتمعات حول هذه المشروعات الأساسية شبكة من المشروعات الصناعية: صناعات غذائية، الجلود والصوف والنسيج، الأثاث ومواد البناء من الموارد الأساسية والمتاحة، الأدوية، وتنشئ شبكة من المؤسسات للتسويق المحلي وللتصدير حول المنتجات الزراعية والحيوانية والصناعات الغذائية والصناعات الأخرى، ومشروعات للخدمات الممكنة حول هذه المشروعات(السياحة والنقل والاتصالات والإنشاءات والمراكز التجارية والأسواق)، ويمكن أن تستوعب هذه المشروعات قوى عاملة تقدر بنصف مليون مواطن، من المهندسين والمدراء والحرفيين والمهنيين والصناعيين والمسوقين والتجار والعاملين في الصناعة والتسويق.
وبالطبع فإنه ستقوم حول هذه المشروعات تجمعات سكنية جديدة من المدن والبلدات والأحياء والضواحي، ولنفترض أنه تشكلت مجموعة من المدن الجديدة في الديسي والجفر والقويرة والحميمة والقطرانة والموقر والأزرق وباير، ومراكز حضرية في مسار خط المياه بين العقبة والبحر الميت، ونتوقع أن تنشأ تشكيلات اجتماعية وإدارية لتنظيم حياة المواطنين وإدارة الخدمات والموارد، بلديات وجمعيات واتحادات مهنية ونقابية تنشئ وتنظم وتدير مجموعة من الخدمات والاحتياجات الأساسية، تنظيم وبناء البيوت والطرق والمرافق، التعليم الأساسي والثانوي والجامعي، مستشفيات ومراكز صحية، أسواق، حدائق ومكتبات عامة، مراكز للتدريب والتعليم المستمر، مراكز للدراسات والتطوير المهني والحرفي والصناعي والتجاري، مؤسسات إعلامية من الصحف والإذاعات ومحطات التلفزيون ومواقع الإنترنت المرتبطة بحياة الناس ومواردهم ومشكلاتهم، فنتوقع إنشاء عدة صحف يومية ومحطات تلفزيونية وعشرات من الإذاعات والصحف الأسبوعية وآلاف من مواقع الإنترنت، ومجلات متخصصة ثقافية ومهنية متصلة بحياة الناس وأعمالهم وشؤونهم في التعليم والمهن والإدارة  والثقافة والفنون، ونواد رياضية واجتماعية وجمعيات وروابط عامة، وأحزاب سياسية، ويمكن لهذه الخدمات أن تستوعب مليون مواطن.
لنتوقع أن هذه التشكيلات الثقافية في الأدب والفنون والعمارة واللباس والطعام والسلوك الاجتماعي والتقاليد ومنظومة الأفكار ستعمل على نحو متواصل ومتراكم لتنظيم حياة الناس ومواردهم وعلاقاتهم على النحو الذي يحقق الرفاه والاستقرار والأمن والرضا، ويزيد الموارد والتقنيات الأساسية التي بدأت منها الرواية(الماء والأرض والزراعة والطاقة) فيتواصل تطوير وتنظيم هذه التقنيات والموارد على النحو الذي يزيد فعاليتها واستمرارها وزيادتها أيضا.
نتحدث عن قوة عاملة من مليوني مواطن سيكونون مع عائلاتهم حوالي عشرة ملايين قادرين على إنشاء منظومة اقتصادية واجتماعية وثقافية قابلة للنمو والاستمرار وتملك مواردها المتزايدة والمتجددة، ويمكن أن تنقل التجربة وتعمم لتنشأ منظومات عدة حول نهر الزرقاء ووادي الأردن وسلسلة جبال وسفوح عجلون والبلقاء والكرك.
هل هي رواية واقعية وممكنة؟ ماذا ينقصنا لتحقيقها؟ ما هي الثغرات الواقعية في هذا السيناريو؟

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  ابراهيم غرايبة   جريدة الغد