الوضع الاقتصادي اليوم يبدو مريبا ومقلقا لدرجة لا يمكن السكوت عنها، ويظهر أن الأرقام باتت تهاجم من تعاملوا بتفاؤل مع الأزمة، لدرجة تسكت كل من بقي منهم يجادل بالفوائد التي سنجنيها من الأزمة.
فمن ناحية، يطل العجز كشبح مرعب ليقول انه سيتضخم ليصل 1.1 بليون دينار، أما المديونية فتستعرض عضلاتها وتؤكد أنها نمت لحدود خطيرة قد لا يقوى احد على مواجهتها بعد أن بلغ الدين العام كرقم مطلق مستوى هو الأعلى في تاريخ الاقتصاد الوطني.
أما حوالات العاملين والتي جادلت الحكومة كثيرا بعدم تأثرها، فقد انخفضت بمعدل 3.8% حتى نهاية تموز (يوليو) الماضي، فيما خرج عشرات الآلاف من البورصة بخسائر لن يقدروا على تعويضها.
ولقطاع العقار حكاية أخرى، فمنذ أكثر من عام والقطاع شبه متجمد نتيجة تراجع معدلات السيولة، ولا نخفي سرا حين نتحدث عن تراجع المساعدات الخارجية بخاصة العربية منها، ويتزامن ذلك مع تراجع مستوى الإيرادات مقارنة بما هو مقدر في قانون الموازنة العامة.
وتأثر الإيرادات يتضح جليا عندما نتحدث عن نمو نسبيه 9% في إيرادات دائرة ضريبة الدخل والمبيعات خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي بنسبة 9% وبلغت خلال العام الحالي 1.74 بليون دينار، مقارنة بهذه الفترة من العام الماضي، فيما قدر المسؤولين الجهابذة نسبة زيادتها في موازنة 2010 بمعدل 1ٍ%.
واكبر واخطر المؤشرات الاقتصادية تلك المرتبطة بالنمو الاقتصادي، والذي قدم كإنجاز يحتفى به، حينما بلغ 2,8% خلال الربع الثاني، رغم أن القراءة الأولية تؤكد انه سينخفض خلال الربعين الأخيرين، وأسوأ من ذلك إذا أخذنا معدل النمو السكاني والذي يقارب هذه النسبة، ما يعني أن النمو الحقيقي والمتحقق لا شيء.
كل ما سبق في جانب، وتأثيرات ذلك على اكبر مشكلتين يعاني منهما الأردن في جانب آخر، فالأرقام السابقة جميعها تؤدي إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة، ما يعني أن المؤهلين من الأردنيين للسقوط تحت خط الفقر كثر ويزيدون على ثلث الأردنيين، أما العاطلون عن العمل، فهم بازدياد أيضا، بعد تراجع قدرة الاقتصاد على خلق الوظائف نتيجة التباطؤ الاقتصادي الذي نعيش معه.
مؤشرات كثيرة أصابها العطب منذ عام ولا ندري إلى أين تذهب الآن بعد أن أفلست الحكومة في البحث من مخارج لهذه المشاكل الكبيرة، فالسياستان النقدية والمالية على حالهما رغم الحاجة الملحة لبعض التغيير فيهما أملا في استعادة دور القطاع المصرفي الريادي في قيادة دفة الاقتصاد الوطني، وتذويب الثلج عن قطاعات تجمدت وتراجعت مساحتها في نمو الاقتصاد الوطني.
العودة للوقوف على ارض صلبة يلزمه فريق اقتصادي يعي حجم التحديات، وبغير ذلك سيبقى حال الاقتصاد تماما، كمن علق من رأسه ليشنق، وأزيح من تحته البرميل، فبات يترنح في فضاء بلا قعر.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة