تفند مبادرة "توسعة الشمول" في محافظة اربد، والتي أطلقتها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي قبل أسابيع بهدف توفير الضمان الاجتماعي للمشاريع الصغيرة التي يقل عدد العاملين فيها عن خمسة عمال، فكرة سيطرة ثقافة العيب على المجتمع الأردني.
وتؤكد هذه التجربة أن الأردنيين لا يرفضون أي عمل، بل يؤكد الواقع أنهم يعملون في كل شيء حتى الأعمال الشاقة والمتعبة، مثل الحدادة والميكانيك.
 ففي اربد تبين أرقام مؤسسة الضمان ان عدد المستفيدين من المبادرة الجديدة بلغ خلال الأسبوعين الماضيين نحو 1600 عامل، 90% منهم أردنيون، ومعظمهم يعملون في مهن صعبة ومتعبة.
هذه الأرقام والأعداد موجودة حتى قبل شمولهم بالضمان، فماذا سيمسي الحال بعد تحسين ظروف عملهم وضمان شيخوختهم، وحمايتهم من إصابات العمل؟.
لم أكن يوما من المقتنعين بأن هناك ثقافة عيب مسيطرة على الأردنيين تمنعهم من ممارسة بعض الأعمال وتركها لغيرهم لقمة سائغة وسهلة، وأمس وبعد جولة في المناطق الحرفية والصناعية في محافظة اربد ترسخت هذه القناعة.
بل إن إيماني ازداد بان مرد البطالة محليا ليس ثقافية العيب، فالمشكلة لم تكن يوما في الناس بل في ظروف العمل، إذ ليس من المنطق أن يكون الحد الأدنى للأجور 150 دينارا، والعامل من دون ضمان اجتماعي أو حتى تأمين صحي ويستكثر عليه المسؤول في النهاية رفض هذا العمل ويؤنبه على ذلك.
ولئن كانت الحكومات والمسؤولون يرددون دوما هذه العبارة المشروخة، فإنها بذلك ليست أكثر من علاقة تعلل بها تقصيرها الكبير تجاه القوى العاملة، وتؤكد أنها لم تفلح يوما في الارتقاء إلى تطلعات الناس.
فالتفكير بثقافة العيب كأحد أسباب ارتفاع معدلات البطالة محليا لم يعد مقنعا لأحد، مهما اختلف مستواه الثقافي والتعليمي، ما يستوجب البحث عن علل أخرى أفضت إلى هذه الاستنتاجات بعيدا عن اتهام المواطن بالتكاسل والسعي وراء البرستيج.
ومسالة البرستيج أمر آخر، فحتى لو كان المواطن كذلك، فان هذه النتيجة لم تكن وليدة اللاشيء، بل هي نتاج لسياسات حكومية تعاقبت عليها أجيال ركزت على تشغيل الناس في القطاع العام حتى تضخم لدرجة لم يعد من السهل السيطرة عليه وتحمل نفقاته التي باتت تشكل عبئا كبيرا على الموازنة العامة، حيث تصل الأجور والرواتب إلى 2.6 بليون دينار، فيما تقدر مخصصات التقاعد بحوالي 700 مليون دينار.
مبادرة توسعة الشمول التي بدأتها مؤسسة الضمان في العقبة، وحاليا في اربد تعطي الأمل بتحسن ظروف العمل في العديد من القطاعات لتكون حافزا اكبر على تشغيل الأردنيين، خصوصا بعدما تستكمل جميع مراحلها وتعمم على جميع محافظات المملكة.
فهذه المبادرة مدماك قوي في حائط توفير الحماية للقوى العاملة لتحفيزها على العمل في قطاعات مدرة للدخل، الا أنها غير جاذبة للعمالة بسبب انعدام الأمان الوظيفي فيها وغياب المغريات عنها.
هذا المدماك ينتطر مبادرات جديدة تكون مداميك جديدة في توفير بيئة عمل مناسبة مثل توسعة مظلة التأمين الصحي للعديد من العاملين، الذين اعتمدوا على أنفسهم ولم ينتظروا ديوان الخدمة المدنية للحصول على فرصة عمل توفر لهم لقمة العيش.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جريدة الغد   جمانة غنيمات  صحافة