ردود الفعل حول تشكيلة حكومة سمير الرفاعي اتخذت منحيين متناقضين، فبين مؤيد ومعارض توزعت الآراء، والغريب أن الانتقادات لم تتطرق إلى قدرة الفريق الجديد على مجابهة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الأردنيون من فقر وبطالة وتدني المستوى المعيشي.
بالمجمل، غالبية أعضاء الحكومة الجديدة هم من فريق الذهبي الذين نالوا تقييمات متواضعة في آخر استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية لتقييم أداء الحكومة السابقة بعد مضي عامين على عملها، باستثناء تغييرات طالت بعض أعضاء الفريق الاقتصادي، وتحديدا وزيري المالية والتخطيط والتعاون الدولي.
قائمة الأسماء المعلنة تؤكد أن أجندة الحكومة اقتصادية وأن الاقتصاد سيحصل على جزء كبير من عملها بخاصة وأن تحديات كبيرة تنتظر الحل خلال الفترة المقبلة، والحكم على التشكيلة بحاجة إلى بعض الوقت لحين اتضاح قدرة الفريق على إحداث تغيير ووضع خطط للمرحلة المقبلة التي تتسم بالتعقيد والصعوبة.
فالمطلوب من الفريق تحديد رؤية لتوجيه الاقتصاد بموارده المحدودة والمتواضعة من أجل اتخاذ خطوات تسهم في تحسن ثلاثة مؤشرات بشكل رئيس هي الصادرات والاستثمار وحوالات العاملين، فالتركيز على هذه المحاور سيمكن من تحسين مؤشرات اقتصادية أخرى لها علاقة بعجز الموازنة العامة وعجز الميزان التجاري، وتوليد فرص عمل تسهم بتخفيض معدلات الفقر والبطالة.
بيد أن اللافت في تشكيلة حكومة الرفاعي أنها تتضمن عددا من الوزراء المدركين للتفكير الملكي وممن عملوا في معية
جلالة الملك وهم يعون بعمق فحوى الرؤية الملكية للبلاد بشكل عام وللاقتصاد بشكل خاص، ما يسهل دور الرئيس في تطبيق ما جاء في كتاب التكليف السامي.
وتعد عودة وزير المالية الدكتور محمد أبو حمور المنتقِد بشكل صارخ لبرنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي طبق خلال الفترة -2001 2005 من أبرز ملامح التشكيل، كونه محافظا من الطراز الأول، ما يشي بقدرته على تنفيذ موازنة 2010 التقشفية والتي تحتاج إلى إرادة وقدرة على الالتزام ببنودها.
إلا أن وجود أبو حمور في وزارة سيادية يحمله مسؤولية كبيرة في هذه المرحلة الحرجة والمعقدة، لا سيما وأن المالية العامة تعيش مشكلات كبيرة مثل العجز والمديونية، ونجاح أي وزير للمالية مرهون بتحسن هذين المؤشرين وعودتهما إلى مستويات مطمئنة.
أما وزير التخطيط الجديد والذي يعرف جيدا كيف يضع خططا اقتصادية ورؤية اقتصادية غابت عن الوزارة خلال الفترة الماضية، فدوره لن يكون سهلا هو الآن، فالرهان عليه يكمن في إعادة الدور الحيوي والمركزي لهذه الوزارة والتي غابت بشكل جلي خلال الأعوام الماضية.
الحكم على فريق الرفاعي أمر سابق لأوانه فالترحيب التلقائي بالفريق أو عدمه لم يقم على أسس ومعايير الكفاءة والدراية أو حتى قدرة أعضاء الفريق على القيام بالمهمات الصعبة التي تنتظرهم والملفات المعقدة التي تجثم على مكاتبهم.
الأرقام والمشاريع على أرض الواقع هي الحكم الحقيقي على نجاح هذه الحكومة من عدمه، فليس أصدق من لغة الأرقام التي تقيس الإنجاز بنسب ومعدلات قادرة على فرز الغث من السمين، وهي وحدها مؤهلة للحكم على تشكيلة حكومة الرفاعي.
فالوعود التي قطعتها حكومات كثيرة، والخطط التي رسمت في الماضي لم تفلح في تحسين مستوى معيشة المواطن، في القرى والأرياف والمخيمات، بل على العكس تماما.
فدعونا ننتظر ما ستقدم الحكومة الجديدة.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة