مع صدور نتائج أعمال اللجنة التي شكلت في عهد حكومة نادر الذهبي حول الاحتياجات التمويلية للقطاعات الاقتصادية المختلفة والعقبات التي تواجه هذه القطاعات في الحصول على التمويل، يتضح أن اللجنة كانت تلعب في الوقت الضائع.
فالتوصيات التي تتحدث عنها اللجنة يحتاج تطبيقها إلى فترات طويلة قد لا تصمد الشركات لحين تنفيذها، عدا عن الحاجة إلى سن عدد من التشريعات وإجراء تعديلات على قوانين أخرى.
ما خلصت إليه اللجنة يتناقض مع الطلب المتكرر بضرورة الإسراع في اتخاذ خطوات للحد من تبعات الأزمة التي تسيطر على القطاعات المختلفة ومنها تعليمات البنك المركزي التي اعتبرتها الدراسة أحد أسباب المشكلة، كونها تعيق حصول المستثمرين على التمويل. اللجنة التي غرقت بالعمل لأكثر من شهرين قدمت ورقة ممتازة لجملة من الإصلاحات، والتغييرات المطلوبة بيد أنها أهملت مسألة الوقت الذي يعد مقتلا للعديد من المستثمرين الذين لا يملكون ترف الانتظار لوقت قد سيتم خلاله تصنيف حساباتهم والحجز على أصول شركاتهم، هذا من ناحية.
من الناحية الأخرى، ركزت اللجنة على المستثمرين المتعثرين فقط، فيما أهملت الاقتصاد الأردني كاملا الذي عانى التباطؤ وتراجع نموه خلال العام الماضي، نتيجة الظروف المحلية والإقليمية والعالمية، وكانت حصيلة توصيات اللجنة تصب في إنقاذ المستثمرين وكأن شركاتهم هي الاقتصاد فقط.
لسنا ضد هذه الشركات بل نحن ضد المعاملة التفضيلية التي ستحظى بها هذه الشركات، التي ارتكبت أخطاء إدارية وتجاوزت معايير الإدارة الرشيدة في الماضي واليوم وعلى الاقتصاد أن يدفع كلفة أخطائها، رغم أنها لم تتخذ أية خطوات لإنقاذ مشاريعها.
إحدى الأفكار التي تطرحها اللجنة للنقاش هي إصدار قانون مؤقت للتسنيد، من اجل توفير السيولة اللازمة لهذه الشركات التي لا تقدر على الحصول على التسهيلات من المصارف المحلية بسبب تعليمات البنك المركزي.
وبصرف النظر عن فشل فكرة التسنيد في أميركا والتي تسببت بجزء من أزمتها المالية، إلا أن توصيات اللجنة تشدد على أن التسنيد الذي سيتم محليا سيركز على إصدار سندات مقابل أصول حقيقية وليس وهمية، إضافة إلى وضع محددات لهذه عملية، فيما يتعلق بقيمة السند أو سعر الفائدة عليه.
بيد أن هذه المحددات لا تقلل من المخاطر التي يمكن أن تولدها مثل هذه الأداة النقدية، في هذه المرحلة تحديدا، لا سيما وأن التسنيد سيعود لشركات تعاني مشاكل في الحصول على التمويل من البنوك، فهل سيرضى الأفراد استثمار أموالهم بسندات هذه الشركات، حتى وإن كانت مضمونة من المصارف. فضلا عن الخلافات بين المؤسسات الرسمية المسؤولة عن موضوع التسنيد، فهيئة الأوراق المعنية مباشرة بالأمر غير راغبة بوضع التشريع الذي سن في الماضي ولم يتم إقراره بعد، إلى جانب الاختلافات الجوهرية حول بنود القانون ليوضع في شكله النهائي، وهذه المسألة تستغرق وقتا، وقد تغرق بعض المؤسسات قبل أن يرى النور.
الأدوات الاستثمارية التي ستسهل أمور هذه الشركات ليست جديدة ولطالما جرى الحديث عنها، ومنها إنشاء صناديق استثمار مشتركة وصناديق تمويل، وهذه الأفكار ليست سيئة لكنها طويلة المدى ومن غير الصحي أن يتم "سلقها" كما يقال في العامية؛ فهذه الأدوات والتشريعات ستحدد شكل ومضمون الاستثمار في المستقبل.
الحالة بحاجة الى ضخ سيولة في السوق بأسعار فائدة منخفضة وفكرة البنك المركزي حول صندوق التمويل تبدو مجدية وفعالة في هذه الفترة الحرجة.
تنفيذ توصيات اللجنة يقلل من استقلالية بعض المؤسسات وتنفيذها يحتاج وقتا طويلا، ما يعني أننا نلعب في الوقت الضائع ولا ندري إن كنا سنسجل هدف الفوز أم لا في اللحظات الأخيرة من عمر المباراة.   

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جريدة الغد   جمانة غنيمات  صحافة