ينطوي قانون الشركات على الكثير من الثغرات والسلبيات التي تسببت بمشاكل كثيرة في الماضي، ويتوقع أن تؤدي مستقبلا إلى أزمات اقتصادية تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية كثيرة. التخلص من الثغرات التي تعتري قانون الشركات بحاجة إلى التنسيق والتفاعل المستمر بين الجهات الرقابية المعنية (مثل مراقبة الشركات والبنك المركزي وهيئة الأوراق المالية) وتحديد صلاحيات ومسؤوليات كل جهة لتسهيل تحديد المسؤول في حال التقصير ليتحمل نتائجه.
فالمجتمع غير قادر على تحمل أزمة جديدة مشابهة لتلك التي وقعت مع شركات البورصات العالمية التي اتسع مداها وتجاوزت كل حدود القانون والى اليوم لم يتحمل أي شخص مسؤولية ما حدث ولو بشكل أخلاقي، وكأن أموال الناس وحقوقهم شيء من السهل التفريط فيه.
والذاكرة ما تزال تزخر بمشكلة ما اصطلح على تسميته بـ"شركات البورصات العالمية" التي كانت حصلت على سجلات تجارية من مراقبة الشركات بتواطؤ من القانون والمسؤول معا، حتى خرجت هذه المشكلة من عقالها ولم يعد بالإمكان السيطرة عليها وعلى آثارها الخطيرة التي ما تزال آلاف الأسر تعاني منها.
كذلك نتذكر الشركات الخمس التي تم تحويلها إلى المدعي العام لتقديمها تسهيلات للأفراد ما يشكل مخالفة صارخة لقانون البنوك، والى اليوم ما تزال هذه الشركات تقدم هذه التسهيلات من دون حسيب أو رقيب. خلل آخر يعتري قانون الشركات الذي لا يشترط تقديم شهادة عدم محكوميه كشرط للحصول على السجل التجاري، رغم أن الالتزام بهذا الشرط سيساهم بحفظ الحقوق، واستبعاد أصحاب السوابق الذين يفكرون بالنصب والاحتيال على الناس تحت غطاء القانون. فكرة عدم المحكومية قد لا تروق لكثيرين، بحجة أن أثرها لا يتوقف عند حد إعاقة الاستثمار وتدخل أجهزة الأمن بالمستثمر فحسب، بل إنها تعقّد مسألة تسجيل الشركات، بيد أن الغاية السامية التي تحققها ستحول دون ارتكاب جرائم جديدة وتقضي على جميع المخاوف بهذا الخصوص.
فمنع تجارب الماضي يتطلب تعديل القانون المطبق، ليشتمل على بند يفرض تقديم شهادة عدم محكومية لكل من يريد ممارسة عمل اقتصادي يطال حقوق الناس وأموالهم.
إذ كيف يؤتمن على أموال العباد أشخاص من أصحاب أسبقيات مخلة بالأمانة، وتعكس طبيعة وعقلية الشخص الراغب بممارسة أعمال تجارية تمس حياة الناس وحقوقهم.
اللجوء إلى الجهات الأمنية والتنسيق مع مراقبة الشركات، أمر لا ينتقص من شأن المستثمر وأصحاب الأعمال، بل هو الطريقة الأمثل لمنع التلاعب بالناس وحماية المستثمرين الحقيقيين من النصابين وغير الجادين.اشتراط تقديم شهادة عدم محكومية للمستثمرين، بلا شك سيساعد السلطة التنفيذية على القيام بدورها الأساسي وهو حماية حقوق المواطنين.
فصون أموال الناس يتطلب أيضا مخاطبة البنك المركزي للاطلاع على الموقف المالي لأي مستثمر والتأكد من ملاءته المالية؛ إذ ليس من المعقول أن يتقدم شخص يحفل سجله المالي بالشيكات الراجعة للحصول على ترخيص شركة للتمويل.
أساس المنصب العام حماية حقوق الناس وحفظ ملكياتهم، واستمرار العمل وفق قانون الشركات الحالي يجعل هذه الحقوق عرضة للانتهاك والضياع، فهل نمنع استمرار مسلسل البورصات العالمية وتكراره من خلال تعديل قانون الشركات، أم نترك الباب مفتوحا لوقوع فضيحة بورصات عالمية جديدة؟
الجواب لدى المسؤولين.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة