صدقت توقّعات رئيس الحكومة الأسبق عبدالكريم الكباريتي ، قبل سنة تقريباً ، حين شبّه تداعيات الأزمة العالمية علينا بالمنخفض الاقتصادي ، وقال بالنصّ: (ربما أن هذا المنخفض الاقتصادي تشكّل ، ولكن أعتقد بكل أمانة بأنه سيتعمق ، فهل هنالك أدوات متاحة لدى المسؤولين الحكوميين للتعامل مع آثار هذا المنخفض ، ربما أن السياسة المالية مقيدة الأيدي في التعامل مع هذا الموضوع ، لكن نحتاج الى "سياسات مبتكرة" لمواجهة تداعيات الأزمة).

ومن الواضح أنّ هذا المنخفض بات حقيقة وأنتج أمطاراً شكّلت سيولاً جرفت الكثير من المشاريع ، فأثّرت بشكل واضح على أغلب القطاعات ، ووصلت إلى حياة المواطن اليومية ، وهناك أسهم لشركات شهدت حالة أشبه بالإنهيار ، ويمكننا توقّع أنّ الخروج من الأزمة سيكون بطيئاً ، تماماً كالبطء الذي وصلت به إلينا.

وقبل أشهر استمعنا من رئيس الحكومة إلى أنّ أكبر تحسّب عنده يأتي من العجز في الموازنة العامة ، وصدقت الهواجس فقد بلغ أرقاماً غير مسبوقة ، ومن الواضح أنّ أدوات التعامل مع الأمر محدودة ، بقدر محدودية الموارد ، وإذا كان التعامل في الدول الأخرى ركّز على تدخّل الدولة في التصويب ، وصبّ الأموال ، فيبدو هذا الخيار لدينا محدوداً أيضاً.

الاقتصاد الأردني يعتمد بشكل كبير على المساعدات والتحويلات والإستثمارات الخارجية ، وهذه كلّها تقلّصت ولا يمكن توجيه اللوم فيها للحكومة ، فليس هناك من فريق حكومي قادر على اجتراح معجزة تأتينا بالأموال من جهات لا تملكها ، أو هي بأشدّ الحاجة لاستعمالها ، ولعلّ متابعة سياق حركة الملك في الأشهر الأخيرة تؤكد أنّ تركيزه يأتي على هذا الأمر ، وهناك من مؤشرات على زيادات في المساعدات ، والاستثمارات ، قد لا تنشلنا من الأزمة سريعاً ، ولكنّها ستساهم في التخفيف من وطأتها.

بدأنا بإنذار عبدالكريم الكباريتي وننتهي به ، فهو يدعو إلى "سياسات مبتكرة" ، ولعلّه كان يقصد العودة إلى التركيز على أموال الأردنيين واستثماراتهم ، وهذه تجربة نجحت في الملكية الأردنية فهل نوسّع الدائرة ونلجأ إلى الداخل الذي يبدو وكأنّه يحتفظ بأمواله "تحت البلاطة" ولا يخرجها إلاّ بعد قناعة كاملة باحترامه ، واعتباره طرفاً أساسياً في عملية الاستثمار والتطور والتقدّم؟.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  باسم سكجها   جريدة الدستور