حالما سمع عن توجه الحكومة لرفع أسعار اسطوانة الغاز إلى نحو عشرة دنانير، قال سأبيع ابنتيّ، وسرعان ما تراجع عن أفكاره وطردها، فخياله رفض هذه الفكرة التي استحضرها انفعاله، مؤكدا أنه لا يستطيع الاستغناء عنهما رغم ضعف حيلته في تلبية احتياجاتهما.
لؤي رب لأسرة مكونة من أربعة أفراد، قال إنه كاد يطلق زوجته ذات مرة بعد أن اكتشف أن اسطوانة الغاز في المنزل نفدت بعد ثلاثة أيام فقط، محملا إياها مسؤولية نفاد الغاز.
كلام لؤي ومن دون أن يدرك يترك أثرا في متلقيه على بساطته، فهذا الأب الذي أضناه ارتفاع الأسعار وتواضع مستوى دخله الشهري الذي يقارب 250 دينارا، لا يدري سبيلا إلى الكيفية التي سيحل بها مشاكله.
لؤي البسيط في طريقة كلامه كما في مستوى تعليمه، تساءل بذات اللغة عن مقابل الضرائب التي يدفعها للخزينة، والتي تقارب 30% من دخله الشهري، ويقول ممتعضا: كل شيء ندفع عليه ضريبة مبيعات، وكل خدمة نتلقاها ندفع مقابلا لها، ويزيد قدمت للحكومة الكثير، فماذا أعطتني غير الضرائب والخدمات الرديئة التي أضطر أحيانا للاستغناء عنها كونها لا تشبع حاجاتي.
ولؤي مثل كثير من أرباب الأسر نزل عليهم خبر رفع اسطوانة الغاز كالصاعقة، حيث وجدت الأسر حديثا تتناوله خلال أيام المنخفض الجوي الماضي الذي حبسهم في بيوتهم، كما حبست فكرة رفع الدعم عن الغاز أنفاسهم، فكان حديث اسطوانة الغاز الأكثر سطوة على مجالس العائلات.
والكلام في موضوع الأسعار والضرائب له أول وليس له آخر، وهموم وهواجس الناس تجاهها كبيرة، فما إن خرجت هذه الأنباء من الأدراج إلى الناس، حتى بدأوا يتنبأون بعام اقتصادي صعب، تسعى الحكومة خلاله إلى تخفيف الحمل عنها وعن موازنتها وترحيله إلى الناس وجيوبهم.
القرارات الحكومية المفترضة بفرض ضرائب وإلغاء إعفاءات الجمارك، تشي بأن الحكومة لا تعتبر قوت المواطن خطا أحمر، فقراراتها مجتمعة ومنفصلة تصب في انتهاك هذا الخط وتجاوزه، من دون حساب أثر هذه القرارات على الفرد الذي أنهكته برامج التصحيح الاقتصادي وآثارها الاجتماعية الصعبة.
حديث الأسعار وفرض الضرائب لن يتوقف عند اسطوانة الغاز، بل سيمتد إلى البنزين، والأرز والسكر والحليب والعدس، إذ إن أسعار هذه السلع وغيرها الكثير، عرضة للارتفاع جراء السياسات الحكومية التي تسيطر عليها عقلية الجباية.
تعكس سياسة الحكومة إفلاسا حكوميا وعجزا عن ابتكار أساليب لتوفير الإيرادات للخزينة بعيدا عن لقمة عيش الناس، وتؤكد أن الحكومة ما تزال تبحث عن الحلول السهلة والمباشرة لمشاكلها المالية وعجز موازنتها وإن كان على حساب الفرد.
لؤي وأمثاله، أدركوا أنهم أغنى وأقوى من الحكومة، فالسلطة التنفيذية بكل سلطاتها وصلاحياتها، لا تجد منقذا لها سوى جيوب الأردنيين، وما يمكن أن تجمعه من ضرائب، تسد عطشها لجمع مزيد من الإيرادات التي تنفقها في بنود تفاخرية في كثير من الأحوال.
فمتى تدرك الحكومة أن فرض الضرائب انتهاك لحقوق الفرد وإنسانيته التي أنهكها الظرف الاقتصادي الصعب؟

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جريدة الغد   جمانة غنيمات  صحافة