كثيرا ما تتعرض مواضيع مثل الحقوق السياسية والحريات العامة والمساءلة لانتقادات شديدة.
وتعاني هذه القضايا قصورا كبيرا رغم الدعوات لتحسينها من خلال الارتقاء بالبيئة التشريعية التي تنعكس بشكل مباشر على هذه المسائل.
وكلنا يعلم أن ثمة تقصيرا محليا في محور الحاكمية الذي ينضوي تحته العديد من المواضيع، وما تزال الأصوات ترتفع مطالبة بالعمل الجدي من أجل صون الحريات ورفع سقفها في أجواء موضوعية مهنية رفيعة ونقية.
ولا خلاف أو فرقة على ما سبق، إلا أن الأمر المقلق يتمثل بالخضوع لضغوط خارجية تسعى إلى تحقيق إصلاحات وإنجازات في المحاور السابقة بوصفات خارجية.
فالمطالبة بتحسين هذه المؤشرات غير المطمئنة، لا سيما وأنها مفروضة من جهات خارجية، تلجئنا للربط المباشر بين الإصلاح والحصول على المساعدات والمنح التي يعتمد الأردن عليها كأحد منابع إيرادات الخزينة بالمال.
والمساعدات التي يسعى الأردن للحصول عليها من قبل مؤسسة تحدي الألفية الأميركية تندرج تحت هذا النوع من المساعدات، وتقدم دليلا صارخا على سعي بعض الجهات إلى التدخل في الشأن الداخلي من خلال الضغط على الأردن لتنفيذ رؤيتها "الإصلاحية" مقابل الحصول على الأموال.
الخطورة لا تكمن في فكرة الإصلاح الذي ننشده جميعا، بل في فحوى وصفات الإصلاح والجهات التي تضعها، فالجميع مقتنع بأهمية الإصلاح بشتى صنوفه السياسي والاقتصادي والإداري والاجتماعي، كسبيل لتحقيق التقدم والتنمية.
ومن هذا الإجماع ننطلق باتجاه الإصلاح الذي ينبع من الداخل ولا يفرض علينا، حيث ما تزال الآثار الاجتماعية السلبية لوصفات صندوق النقد الدولي الإصلاحية في المجال الاقتصادي ماثلة في المجتمع اليوم، وتحديدا ما يتعلق بمعدلات الفقر والبطالة وتراجع المستوى المعيشي.
في تقارير مساعدات الألفية أخفق الأردن خلال السنوات الماضية في مؤشرات الحقوق السياسية، والحريات المدنية، والمساءلة، وما يزال الضغط يمارس عليه بهدف تحقيق إصلاحات للظفر بأموال الألفية.
بشكل عام؛ حقق الأردن نجاحا في أحد عشر مؤشرا من أصل 17 مؤشرا، هي مجموع متطلبات تمكنه من التأهل والحصول على المنحة التي تقدمها مؤسسة تحدي الألفية والتي تصل 200 مليون دولار.
الملاحظات حول ملف المساعدات الخارجية كثيرة وما سبق أخطرها، الأمر الذي يعيد الطرح القائل بأهمية الاعتماد على الذات، والابتعاد عن المساعدات التي بدأ حجمها أصلا بالتراجع خلال السنوات الماضية، حيث تشير الأرقام إلى أن حجم الموازنة العامة يصل 5.5 بليون دينار منها 330 مليون دينار مساعدات الثابت منها بحسب تصريحات وزير المالية 170 مليون دينار.
أما المساعدات التي لا تدرج في الموازنة فتبلغ 490 مليون دينار، تنفق على مشاريع تنفذها الدول المانحة، ويقدر خبراء أن قيمة ما تستعيده هذه الدول من خلال شركات الاستشارات والخبراء التابعين لها بحوالي %40 من إجمالي قيمة المبلغ.
الإصلاح الحقيقي الذي ينبغي تحقيقه يوما ما، هو وقف الاعتماد على المساعدات من خلال خلق اقتصاد منتج قوي، يحسن المستوى المعيشي للمواطن ويخرجه من براثن الفقر والعوز ليقود بنفسه عملية الإصلاح.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جريدة الغد   جمانة غنيمات  صحافة