وجّه رئيس الوزراء رسالة غير مباشرة ، وذكية ، ينتقد فيها الأداء الاعلامي في الفترة الماضية ، ولعلّ أكثر العبارات دقّة تلك التي أعلن فيها أنّ صحافياً واحداً لم يطلب الحصول على معلومة رسمياً ، عبر قانون الحصول على المعلومات المعمول به منذ نحو ثلاث سنوات.

وتستعيد عبارات الرئيس لدينا ذكريات محزنة ، فقد مرّ القانون بمراحل صعبة حتى صار أمراً واقعاً ، وصرف المانحون الأجانب ملايين الدنانير لقوى مختلفة في المجتمع المدني لتشكيل قوى ضغط محلية لاقراره ، وتشكّلت جمعيات خاصّة به ، ودار حوله حوار صاخب مع المجلس الأعلى للاعلام ، ومن ثمّ الحكومة ، وبعدها البرلمان.

وكانت المفاوضات تدور أحياناً حول كلمة ، وفي آخر الأمر اعتبر وجوده نصراً لكافة الأطراف ، فالأردن صار الدولة العربية الأولى التي تنجز مثله ، وأصبحنا نموذجاً يزورنا العرب للتعلّم ، ويسافر "خبراؤنا" للخارج لطرح التجربة ، وحصلنا على شهادات حسن سلوك لأنّنا توافقنا مع أحد بنود الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد ، وأكثر من ذلك أيضاً.

على أنّ أحداً منّا لم يطلب الحصول على معلومة واحدة ، وهو أمر يعبّر عن مدى "النفاق" الذي يعيشه الاعلام الأردني ، وقوى المجتمع المدني أيضاً ، فالقوانين الجديدة والتعديلات على القديمة والحملات المدنية مجرّد موضة تبدأ في يوم ، وتنتهي في آخر ، بمجرد ظهور موضة جديدة.

القانون ، كما نفهمه ، لا يعني الصحافيين فحسب ، بل كلّ الأطراف الفاعلة في المجتمع ، بما فيها القطاع الخاص أيضاً ، ولكنّ الحقيقة تفيد بأنّه ليس لدينا طرف فاعل على الأرض ، وان كنّا نسمع دائماً جعجعة ولا نرى طحناً ولا طحيناً ولا يحزنون.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  باسم سكجها   جريدة الدستور