ماذا لو لم يكن لدينا في الأردن أفضل وزير مالية بشهادة مؤسسات الدولة؟ وكيف سيكون حال السياسة النقدية لو لم يحصل محافظ البنك المركزي على اعتراف إقليمي بأنه أفضل محافظ بنك مركزي في المنطقة؟
المفارقة الواضحة، والسياسة المالية التي يقودها اليوم وزير المالية الدكتور محمد أبو حمور الحاصل على تقدير بأنه أفضل وزير مالية في المنطقة، تعاني العديد من السلبيات ونقاط الضعف.
وتعتبر مشكلتا عجز الموازنة والمديونية الأخطر والأهم، في وقت تبدو الحلول المطروحة تقليدية وتنصب على فرض مزيد من الضرائب والتركيز على شق واحد من معادلة المالية العامة، تتزامن مع قرارات سطحية في جانب النفقات لا تعكس جدية حقيقية في ضبط الإنفاق.
ودليل ذلك أن قرارات تخفيض النفقات المتعلقة بتقليص الإنفاق التشغيلي 20 %، وتخفيض رواتب الوزراء 20 %، لا تحقق الكثير، حيث إن إجمالي المبالغ المتوقع توفيرها لا تتجاوز 25 مليون دينار.
أما الحلول الحقيقية فمغيبة إلى حين، ومنها على سبيل المثال، مكافحة التهرب الضريبي، وإعادة ترتيب المؤسسات المستقلة وضبط نفقاتها، الأمر الذي يجعل الاقتصاد يدور في حلقة مفرغة في مشكلتي العجز والمديونية، بعيدا عن التفكير بحلول تحد من حجم هاتين المشكلتين.
وضع السياسة النقدية ليس أفضل حالا رغم أن محافظ البنك حاصل على شهادة الاعتراف والتقدير ذاتها، فهو الأفضل على مستوى المنطقة، ورغم ذلك فإن تشدد البنوك في منح التسهيلات ما يزال قائما، ومعدلات أسعار الفائدة ظلت محلقة خلال الفترة الماضية، ما ساهم بإضعاف الاستثمار وقلص فرص إنشاء مشاريع تسهم في تخفيف حجم مشكلتي الفقر والبطالة.
أهم من كل ما سبق بقاء الهامش بين أسعار الفائدة على الإقراض والودائع عند مستويات مرتفعة جدا تتراوح ما بين
6 و7 % وهي معدلات تعد الأعلى في العالم.
الرابط بين السياستين المالية والنقدية بعيدا عن شهادات التقدير للمسؤولين عنهما في ظل غياب المبادرات الحقيقية للخروج من المأزق، خصوصا وأن نتائجهما منفرة للاستثمار وغير جاذبة لأصحاب الأموال للعمل في الأردن، أن هاتين السياستين تسهمان بشكل كبير في تعميق مشكلة التباطؤ الاقتصادي التي يمر بها الاقتصاد لعجزهما عن تحفيز الاقتصاد وتوفير عوامل جذب لتعويض التراجع في حجم الاستثمار خلال العام الماضي والمقدر بمعدل 75 %.
كل هذه المشاكل ولدينا أفضل وزير مالية ومحافظ مركزي، فكيف سيكون الحال لو لم يكونا كذلك؟
المشكلة في سياساتنا المالية والنقدية أنهما تعتمدان الوصفات الخارجية الموضوعة من قبل أشخاص لا يعرفون الوضع الاقتصادي، وتبعات وصفاتهم الاجتماعية الخطيرة، لا سيما في جانب السياسة المالية وما يرتبط بفرض الضرائب وحل مشاكل الخزينة على حساب جيب المواطن.
أكثر من الشهادات الأممية، ثمة حاجة إلى وصفات محلية ووطنية لحل المشاكل الاقتصادية والتخفيف منها، بعيدا عن وصفات الصندوق والبنك الدوليين التي لا تدرك الواقع المحلي وتخط حلولا لا تنسجم مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة