يبدو أن شحنات العاطفة كانت مسيطرة على وزير الطاقة في تعليقه على المواد الصحافية المنشورة في "العرب اليوم" و"الغد" حول انقطاعات الكهرباء والأزمة المزمنة التي يعاني منها القطاع.
الإيراني ولسبب ما هاجم الصحيفتين، واتهم الكتّاب والصحافيين بأنهم غير مطلعين على القطاع، رغم أن التقارير والمقالات المنشورة مبنية على أرقام دقيقة وحقائق مستمدة من القطاع والقائمين عليه.
ويوحي كلام الإيراني، لمن لا يدري، أن الصحافة تعمل بعشوائية، ومن دون تدقيق في البيانات، وهو زعم غير صحيح، فما ورد بني على أرقام تؤكد أن حجم الطاقة التوليدية في المملكة من الكهرباء يصل 2600 ميغاواط.
ويقدر حجم الطلب بحوالي 2650 ميغاواط، أي أن هناك عجزا في التوليد في الظروف العادية التي تتراوح فيها درجة الحرارة بين 15 و20 درجة مئوية يصل حوالي 50 ميغاواط، ولا يتوفر لدينا حتى ميغا واحد كاحتياطي من الكهرباء.
فعلى ماذا بنى الإيراني حكمه، وهل دقق في أرقام القطاع قبل أن ينبري لمهاجمة الصحافيين؟.
الإيراني أيضا أنكر النظريات العلمية التي تؤكد أن الطاقة التوليدية تنخفض في ظل ارتفاع درجات الحرارة، حيث تتفاوت معدلات التراجع في إنتاج الكهرباء وفقا للزيادة في الحرارة.
القاعدة المتعارف عليها والتي يبدو أن الإيراني لا يعلمها تقول، إن الإنتاج يتراجع بمعدل 10 % في حال بلغت درجة الحرارة 40 درجة مئوية، فكيف الحال بعد أن تجاوزت ذلك بكثير؟.
وفقا لما سبق، وبحسبة بسيطة تتكشف عيوب قطاع توليد الكهرباء المحلي، حيث ينخفض التوليد بمقدار 250 ميغاواط نتيجة الحرارة المرتفعة، أي أن الاستطاعة التوليدية بلغت خلال الأيام الماضية ما مقداره 2350 ميغاواط فقط، وأن العجز بلغ 400 ميغاواط.
فهل نقص 400 ميغاواط من الحاجة اليومية تعني للوزير انه لا توجد أزمة، وإن صح ذلك، فثمة رؤية مغلوطة وغير دقيقة يدار بها قطاع حيوي ومؤثر في حياة الناس جميعا ومن دون استثناء.
ناهيك عن أن الإيراني تجاهل تماما ضرورة توفر احتياطي من الكهرباء، لضمان أمن الكهرباء وسلامة القطاع ككل، كما تنص القواعد المعمول بها أيضا.
ومن أجل قطاع مستقر ولا يعاني من تعثر وانقطاعات ليس لها أول من آخر، يلزم توفير احتياطي من الكهرباء تقارب نسبته 16 % من الطلب اليومي من الكهرباء.
وفي حالة الأردن يبلغ الاحتياطي المطلوب 416 ميغاواط، ما يعني أن العجز الحقيقي في حجوم الكهرباء المولدة يصل 816 ميغاواط إذا ما أخذنا تراجع قدرات التوليد بعين الاعتبار، فهل ما يزال الوزير يعتقد أنه لا أزمة في القطاع؟
كان الأولى بالوزير عقد مؤتمر صحافي يتحدث خلاله عن خططه لحل مشاكل القطاع بدلا من إنكارها واتهام الآخرين جزافا بعدم الدراية والمعرفة والتكاسل في البحث عن المعلومة.
وكان من الأجدى بدلا من الانتقاص من الآخر، وضع خطط تكفل الخروج من الأزمة التي يعترف بها مختصون في القطاع ويدركون حجم التأثير السلبي الذي تلقيه على الاقتصاد ككل وعلى مختلف القطاعات.
وكان من الأفضل للوزير أن يتحدث عن أسباب واقعية أدت لانقطاع الكهرباء، مثل النقص الحاصل في عدد محطات التوليد، والتردد في إدارة هذا القطاع على مدى سنوات الذي تسبب بتأخير العديد من المشاريع ما أوصلنا إلى هذه المرحلة الصعبة.
بعد كل هذا الكلام، هل ما يزال الإيراني يعتقد أن الصحافة تعمل بعشوائية وتكاسل ولا تسعى وراء المعلومة، وهل ما يزال يعتقد أن قطاع توليد الكهرباء على ما يرام؟
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة