توفير 100 ألف فرصة عمل يشكل تحديا كبيرا أمام الحكومة، التي تسعى لتنمية شاملة وتخطط لمحاربة البطالة.
فالأردن لم يتمكن من خلق هذا العدد في أوقات البحبوحة، فكيف هو الحال اليوم والبلد يعاني من حالة اقتصادية مستعصية.
وفي ظل حالة التباطؤ التي يعيشها الاقتصاد وقطاعاته المختلفة، يبدو أن تحقيق هذا الهدف ليس هينا، حيث يقدر الاقتصاد اليوم على توفير 50 ألف فرصة عمل سنويا فقط، أي ما يعادل نصف الاحتياجات.
وإيجاد هذا العدد من الوظائف غير ممكن بل ومستحيل من دون إصلاح العيوب والتشوهات التي تعاني منها سوق العمل، وأبرزها تواجد 89 % من فرص العمل في العاصمة، فيما تتوزع النسبة المتبقية والمقدرة بحوالي 11 % على باقي المحافظات.
والتركز في الوظائف، يعكس سوء توزيع مكتسبات التنمية، وغياب الرؤية في توزيع الاستثمارات على مختلف المحافظات، التي ما يزال بعضها يعاني ندرة المشاريع المشغلة للناس بعد سنوات من الحديث عن إعادة التوزيع العادل لإيجابيات النمو المتحقق.
والمحاولات المتكررة لمعالجة العيوب وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال على العمل خارج عمان لم تجد نفعا حتى الآن، وذلك نتيجة طبيعية لغياب التخطيط والاعتماد على مبدأ "كيفما اتفق" في إدارة ملف الاستثمار.
وحل مشكلة تركز الاستثمار وإعادة رسم خريطة استثمارية، سيساعد من دون أدنى شك على زيادة الإنتاجية ورفع معدلات نسب التشغيل، ووضع أساس متين لعملية التنمية الشاملة التي ننشدها جميعا، من خلال زيادة الإنتاجية الاقتصادية.
واليوم، يبدو أن التخطيط لملف الاستثمار معطل، بعد أن ألغت وزارة المالية عددا من الحوافز والإعفاءات الاستثمارية التي عمدت الحكومات الى تقديمها في الماضي، حيث تم الإلغاء بموجب قانون الضريبة المؤقت الذي أقرته مطلع العام، على أن تقوم بتضمينها في قانون تشجيع الاستثمار.
ويعمق القصور في خلق الوظائف المطلوبة حالة اللااستقرار التي تعاني منها البيئة التشريعية الاستثمارية، والتي يؤكدها تأخر صدور قانون الاستثمار لأشهر طويلة، لتقرر الحكومة بعد انتظار طويل أن لا حاجة لهذا القانون، وأن جميع الإعفاءات ستمنح بموجب تشريع آخر هو قانون المناطق التنموية الذي لم يصدر بعد.
واستقرار البيئة التشريعية يعد من أبجديات نجاح الاستثمار وتوطينه، والعكس صحيح، لاسيما وأن تحسين بيئة العمل يتم من خلال حزمة القوانين التي تنظم السوق ومنها قانون العمل والاستثمار وحماية المستهلك، والتأمين والصناعة والتجارة والمواصفات والمقاييس.
في خطتها التنفيذية أوردت الحكومة تحت محور تحفيز الأعمال والاستثمار برنامجا لتطوير التشريعات الناظمة والقوانين المحفزة للاستثمار تضمن نحو 18 قانونا يجب إقرارها لتحفيز الاستثمار، ولم يتم إقرار عدد منها حتى الآن، الأمر الذي يعكس تكاسلا، ويعد معيقا كبيرا أمام نضوج البيئة الاستثمارية.
ومن دون بيئة استثمارية ناضجة، لن تقوى فرص خلق العدد المطلوب من الوظائف، في ظل معطيات إقليمية وعالمية تعقد مسألة جذب استثمارات تتكفل بتوفير هذا العدد من الوظائف.
الذكاء والفطنة والتخطيط لا بد أن تحضر عند إدارة ملف الاستثمار، والحكمة تقتضي ربطه مباشرة بالتوظيف، فمن غير المجدي لأحد أن نستقطب استثمارات لا توظف الأردنيين وتحديدا الشباب منهم.
فتفشي البطالة بين الشباب له تبعات اجتماعية سلبية كثيرة لا تتوقف عند خلق جيل معطل وغير راض عن واقعه.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة