يلعن البعض العام 2010 لصعوبته وقسوته وكثرة التحديات التي صحبها معه، في الوقت الذي يهلل آخرون للعام 2011.
فرحة التخلص من 2010 لا ترتبط بأسباب موضوعية، فحالنا في 31 كانون الأول (ديسمبر) لا تختلف أبدا عنها في 1 كانون الثاني (يناير)، فالأحوال الصعبة في العام الماضي امتطت العام الجديد من دون ان تستأذنه أو تنتظر موافقتنا.
ولربما يرتبط الاحتفال برحيل 2010 بالحاجة إلى أمل يجدد أحلامنا بغد أفضل ومستقبل أكثر إشراقا وأقل تشاؤما تحمله السنة الجديدة بين ثناياها وتخبئه بين أيامها.
وسواء أحببنا 2010 أم لا فهو أحد سني أعمارنا، جنى خلالها بعضنا آلاما وآمالا، واجتهد آخرون للنيل من بعض سلبياتها والتخفيف منها.
الاثنا عشر شهرا الماضية مرت على البعض بسلام، ورحلت في النهاية بحلوها ومرها، بيد أنها تركت أحمالا ثقيلة، من بينها تحديات ومصاعب ورثها العام الجديد، وستبقى معه إلى أن يرحل هو الآخر محملا بها أو تاركا إياها لمن بعده.
تركة 2010 مرهقة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وعلى الجميع التكاتف والعمل من أجل التخفيف منها وإلا سيمضي اثنا عشر شهرا جديدا ويأتي يوم نلعن فيه العام 2011 لسوئه وقسوته.
أصعب الملفات الاجتماعية التي ورثها العام الجديد، تلك المتعلقة بالعنف الاجتماعي، وتفرعاته في الجامعات والمدارس والشارع، والتي تعود في جذورها الى أسباب مشتركة تتمثل بتأخر عملية الإصلاح السياسي وغياب الممارسة الديمقراطية الحقيقية، وتبعات ذلك من إفراغ الأحزاب من مضمونها وإضعافها، الأمر الذي خلق فراغا فكريا لدى شرائح كثيرة وتحديدا الشباب.
والاستمرار في سياسة "سكّن تسلم" في هذا الجانب يفاقم المشكلة، والابتعاد عن التشخيص العميق لهذه المشكلة سيبقيها مفتوحة وينذر بعواقب وخيمة على المجتمع ومسيرة التطور والنمو التي ننشدها.
اقتصاديا يبدو ان الإرث الاقتصادي هو الأصعب، فهو تراكم سنوات لنتائج السياسات المغلوطة التي لا تراعي الأبعاد الاجتماعية، والهدر والفساد وتنامي المحسوبية والواسطة، وضعف التخطيط، وتجاهل للمشاكل الحقيقية، من خلال اتباع سياسات التخدير والابتعاد عن الجراحات المطلوبة في علاج مشاكلنا الاقتصادية.
وليس تقليلا من شأن الملف السياسي، إلا أن المعضلات الاقتصادية تتجاوز أهمية السياسة. والتركيز عليها يبدو أكثر الحاحا في هذه المرحلة، فتأخر الاصلاح السياسي ليس وليد مرحلة قريبة بل منذ عقود طويلة، فيما المشاكل الاقتصادية تتفاقم يوما بعد يوم ويتسع مداها بشكل مطرد.
فالفقراء ازدادوا، والعاطلون عن العمل تكاثروا، والطبقة الوسطى تضاءلت، والمستوى المعيشي تردى، فيما المؤشرات الاقتصادية تتراجع بدءا من ارتفاع قيمة الدين العام، وتراجع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
مضى 2010 بكل تجلياته وارهاصاته، وخلف الكثير من المشاكل، ونحن نفتتح العام الجديد محملين بهذه المشاكل، وأزعم اننا سنغادر العام 2011 بذات المشاكل إن لم نجتهد ونعمل ونكد، ونخطط حتى لا يأتي يوم 31 كانون الأول (ديسمبر) 2011 ونلعن العام الحالي.
نحن من نصنع الأيام، ونرسم ملامح السنوات، وعلينا العمل حتى لا نظل نلعن الأعوام ونندب حظنا العاثر ونرمي تقصيرنا على غيرنا وكأننا مفلسون ولا نملك شيئا سوى الانتظار.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة