هل تستطيع الحكومة جلب خالد شاهين في حال قررت ملاحقته وطلبت عودته الآن للبلد؟، وماذا لو ثبت تورطه بقضية دراسة مشروع الديسة وسعت الحكومة الى جلبه، فهل تستطيع؟.
وفقا للمعطيات سنجد حكومتنا الحالية وتلك القادمة عاجزة عن ذلك ولأسباب موضوعية وحقيقية، وأبرزها أن إدانة شاهين لم تكن من خلال القضاء المدني المعترف به في الخارج، بل تم الحكم عليه من قبل محكمة خاصة لا يعترف بها خارج حدود المملكة.
والإبقاء على المحاكم الخاصة يبقي الحديث عن محاربة الفساد منقوصا ومشكوكا فيه، كونه لا يضرب الفساد في مقتل ولا يقتلعه من جذوره العميقة.
وخطورة هذه المسألة تكمن في أن قرارات المحاكم الخاصة تجعل الدولة عاجزة عن استرداد حقوقها إن أرادت ذلك، ما يضيع حقوق البلد والناس ويجعل الفاسدين يمضون في فسادهم، من دون خوف أو وجل، فكل ما يصدر من قرارات المحاكم الخاصة لا يعني شيئا خارج حدود الأردن.
حالة شاهين ليست فريدة ولن تكون الأخيرة طالما ظلت القضايا الكبرى محليا وقضايا الفساد والمخالفات المالية تحال لمحاكم خاصة وبعيدا عن القضاء المدني الذي ضعف دوره وتم تحييده في الملفات الكبرى، وكأنه غير قادر على هذه المهمة.
قرارات الحجز على الأموال المنقولة وغير والمنقولة، والتي تمت وفق قرارات صادرة عن المحاكم الخاصة أيضا، لا تعني شيئا طالما أن القضاء والسلطات في الخارج لا تعترف بها ولا تطبقها، الأمر الذي يعني ضياع الحق من جديد حتى بعد المحاكمة والحكم بالسجن.
وبرهان الجدية في محاربة الفساد كما نسمع كل يوم بحاجة لإقرار تعديل دستوري يقضي بإلغاء المحاكم الخاصة واعتماد القضاء المدني للفصل في أي قضية بغض النظر عن الشخص المتهم فيها.
القضاء المدني هو الوحيد القادر على اجتثاث الفساد من جذوره، خصوصا انه يتم على ثلاث درجات من التقاضي بدءا من محاكم البداية مرورا بالاستئناف وانتهاء بمحاكم التمييز التي تصدر حكما قاطعا لا يمكن الرجوع عنه، ما يجعل القرارات الصادرة عنه أكثر مصداقية وقابلة للتنفيذ أينما كان.
ولنا في تجربة مصر عقب الثورة عبرة؛ إذ لجأت السلطات إلى القضاء المدني لمحاكمة كل من الرئيس المخلوع حسني مبارك وأتباعه الفاسدين، حتى تتمكن من حفظ حقوق البلد والشعب واسترداد المنهوب منها في حال اضطرت إلى ذلك في خارج حدودها.
إلغاء المحاكم الخاصة واستعادة دور القضاء المدني يقدم رسالة واضحة لا تقبل الشك بإصرار الحكومة على معاقبة الفاسدين، ووضع حد لكل الاختلالات السابقة.
ومحاصرة الفساد تتطلب تعديلا دستوريا آخر يتعلق بمحاكمة الوزراء أيضا من خلال القضاء المدني وليس من قبل مجلس النواب، فلا احد فوق القانون والجميع أمامه سواء.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة