يكاد لا يمرّ شهر دون أن أتلقّى هدية على شكل كتاب يتحدّث عن ذكريات صاحبه في يافا ، وأظلّ أتساءل ما الذي حملته هذه المدينة الفلسطينية المغتالة من تميّز لتحظى بهذا الحجم من الإهتمام الإستثنائي ، وبالضرورة فكلّ مدن وقُرى فلسطين تستأهل إنتباها إستثنائياً.

في قناعتنا أنّ يافا شكّلت مُلخّصاً لفلسطين وعائلاتها وعاداتها ، فليس هناك من عائلة يافيّة حقيقية لها إمتداداتها قبل القرن التاسع عشر ، لهذا لم يكن غريباً أن يُسمّيها الناس ببلد الغريب ، وعملياً فأغلب المدن والقُرى الفلسطينية كان لها تواجد في يافا.

وبلغ الإهتمام بيافا من أهلها في الشتات أن يُصدر طاهر أديب القليوبي ، وهو مواطن يافيّ نشط ، كتابه الثاني عن مدرسة العامرية التي خرّجت أغلب شخصيات المدينة ، وكان الكتاب الأوّل يحمل عنوان "رسالة عشق إلى يافا" ، حفل بالذكريات الحميمة ، والصور الخاصة ، والرسومات المتخيلة للشكل الذي كانت عليه.

قبل دخول القيادات الفلسطينية إلى الضفة وغزة كانت هناك عشرات مراكز الدراسات المتخصصة المعنية بالتاريخ الفلسطيني ، وتهدف إلى عدم نسيان أدقّ التفاصيل ، وصدرت آلاف الكتب والدراسات والأبحاث والأفلام ، ولكنّ التواجد في الداخل جعل التراب يأكلها ، ويبدو الآن أنّ المبادرات الفردية هي وحدها التي تنشغل بالأمر ، ونخشى أنّ رحيل الجيل الذي عاش في المدن والقُرى الفلسطينية الأولى سيرحل معه الإهتمام ، ومع ذلك فما زال شعار حق العودة قائماً ، ومجرّد كلمات بلا مضمون.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  باسم سكجها   جريدة الدستور