ترافق الأزمات السياسية التي تواجه الرئيس بوش وفريق الحكم من المحافظين الجدد تحولات لدى المفكرين والكتاب الذين كانوا يؤيدون بقوة وينظرون للمشروع السياسي للمحافظين الجدد، وقد ترك المحافظين مؤخرا ثلاثة من المفكرين الكبار، وصدر لكل واحد منهم كتاب يعبر عن انتقادات قاسية للسياسات والمواقف الأميركية، وهم فرانسيس فوكوياما (المفكر الأميركي الشهير وصاحب الأطروحة المشهورة والجدلية"نهاية التاريخ")، ووليام أودوم(مدير وكالة الأمن القومي في عهد الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان)، وكينيث بولاك(مدير مركز سياسات الشرق الأوسط التابع لمؤسسة بروكنغز) أحد أهم المؤسسات الفكرية التي تصوغ السياسات العامة وتفكر للإدارة الأميركية.
في كتابه "أميركا على مفترق الطرق، المحافظون الجدد والديمقراطية والنفوذ " يبدو فوكوياما قد تحول من المنظر الأول لليمين الجمهوري إلى معارض وناقد لسياسات بوش في العراق والحرب على الإرهاب. ويقول فوكوياما: إن سياسات الولايات المتحدة في هاتين الحربين ليست تطبيقا للمبادئ المحافظة الجديدة كما أفهمها، ويصف قادة الإدارة الأميركية وبخاصة الثلاثي بوش وتشيني ورامسفيلد بأنهم ليسوا مثقفين من المحافظين الجدد وأن تطبيقهم للحرب كارثي على المصالح الأميركية.
وقد فقدت أميركا التأييد الأوروبي على نحو دائم، حتى إن بعض المواقف الأوروبية تنظر إلى الولايات المتحدة الأميركية بعداء مرير، وتحولت أميركا اللاتينية إلى اليسار في ردة فعل نحو السياسات والمواقف الأميركية، وشغلت الإدارة الأميركية بالشرق الأوسط عن شرق آسيا، المنطقة التي بدأت تشكل لأميركا تحديا استراتيجيا.
وفي كتابه"استراتيجية أميركية جديدة في العراق" يرى بولاك الذي كان أكثر المتحمسين لغزو العراق وكان قبيل الغزو يشغل منصب مدير شؤون الشرق الأدني وجنوب آسيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، ويعتقد أنه لعب دورا في رسم استراتيجية الغزو أن إدارة بوش لا تملك استراتيجية قابلة للنجاح لإعمار العراق، وفشلت في سد الفراغ الأمني الذي أعقب سقوط النظام السياسي في العراق، مما أدى إلى نشوء مقاومة ضد الاحتلال، وإخفاق الإدارة الحكومية في العراق، وتفتقر الولايات المتحدة كقوة محتلة إلى الطواقم اللازمة والقدرات والخبرات والمصادر الضرورية لإعادة بناء العراق.
أما مدير وكالة الأمن القومي الأسبق أودوم فيطلب - في كتابه"الإمبراطورية الأميركية عن غير قصد"- من الإدارة الأميركية أن تنسحب فورا من العراق إذا أرادت أن تحافظ برأيه على نفسها كإمبراطورية، فلا تعود إمبراطورية عن غير قصد، كما يشير عنوان الكتاب. ولا يرى أودوم خطورة على هذه الإمبراطورية من دولة أخرى منافسة، فذلك يبدو مستحيلا في ظل الواقع الأميركي الغالب عسكريا واقتصاديا على نحو ساحق، ولكن الخطورة تأتي من قيادة أميركية غير فعالة.
ولكن بعيدا عن الكتاب الأميركيين فإن كتبا أخرى كثيرة صدرت مؤخرا تجد الولايات المتحدة الأميركية ضد العالم كله، فالقوة الأميركية برأي غسان سلامة"أميركا والعالم: إغراء القوة" تستدرج نفسها بإغراء القوة التي تمتلكها إلى استعداء العالم متجاهلة الحدود المنطقية للحملات العسكرية ومدى تقبل الأميركيين أنفسهم لهذه الحروب، وهذا أيضا رأي كيشور محبوباني سفير سنغافورة في الأمم المتحدة في كتابه "ما وراء عصر البراءة، إعادة بناء الثقة بين أميركا والعالم" ويرى فيه أن الولايات المتحدة فقدت مكانتها العالمية برغم قوتها وتفوقها، ودخلت في مواجهة بلا داعي لها ولا مصالح مع العالم الإسلامي، ويبدو أنها متجهة إلى مواجهة مع الصينيين والآسيويين.
ويعرض إيريك اولترمان والبروفيسور ديفيد موديل(أستاذ الاقتصاد في كندا) في كتابين منفصلين موضوعا واحدا وهو الجرائم ضد الإنسانية والأكاذيب التي أوقع الرؤساء الأميركيون أنفسهم بها.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  ابراهيم غرايبة   جريدة الغد