منذ أشهر ونحن نشهد ظاهرة غريبة في البلد أبطالها فئة تدعي الموالاة وتقف بالمرصاد لكل من يطالب بالإصلاح، وتستخدم أساليب باتت مكشوفة في إعاقة مسيرة الإصلاح من خلال إظهار البلد منقسما حول قضايا ومبادئ لا يختلف عليها اثنان.
والمشكلة أن الشعارات التي ترفع من قبل فريق الإصلاح تصب في صالح الجميع وتحديدا المهمشين والضعفاء، ولا أدري على ماذا يرتكز الذين يدعون الموالاة في حربهم ضد الإصلاح ومطالباته التي تخدمهم قبل غيرهم؟!.
محاربة الفساد مشكلة وطنية وتؤثر على الموالين قبل المطالبين بالتغيير، وهذه المشكلة أرّقت الناس وأضرت بكل أردني، وهدرت أموال دافعي الضرائب، فهل هم مع الفساد؟.
أحد أهم مطالبات الإصلاح تمثلت بمحاسبة الفاسدين كسبيل لإبداء حسن النوايا حيال عملية الإصلاح، وهذه مسألة لا تضر أحدا، خصوصا أن الحديث عن إصلاح حقيقي لا يستوي بدون معاقبة الفاسدين الذين ما يزالون يتمتعون بامتيازات تستفز مشاعر المواطن الذي يدرك أن الفساد أبرز الأسباب التي تقتل فكرة دولة المؤسسات والقانون. وأتساءل هل الموالون ضد معاقبة الفاسدين؟.
أقول لمدعي الموالاة الذين ارتفع صوتهم، إن ما يطالب به المعتصمون يصب في صالح الجميع بدون استثناء، وإن الثمن الذي يدفعه من ينشدون الإصلاح لقاء إصرارهم عليه كبير.
وضع قانون انتخاب ممثل لجميع شرائح المجتمع لا يضر أحدا، فلماذا يقفون بالمرصاد، وهل يفيد تزوير الانتخابات ووجود مجالس نيابية ضعيفة الموالين بشيء، وهل يدركون أن الظلم وتغييب مصالح المجتمع لصالح النخب سيستمر في حال فشلت مساعي الإصلاح؟.
مدعو الموالاة كانوا أداة قوى الشد العكسي المناوئة للإصلاح، وقد استخدمتهم أسوأ استخدام وجعلتهم وسيلة لإخراج البلد بصورة ترسم صورة الفرقة والاختلاف حول فكرة التغيير.
قوى تعطيل الإصلاح سعت لتوظيف البعض تحت عنوان الموالاة وهي بهذا الأسلوب تستغلهم وتجعلهم يبدون في مظهر ساذج، معاد لمحاربة الفساد ومؤيد للواسطة والمحسوبية والطرق البائدة في تعيين الحكومات وفق معايير بعيدة عن الكفاءة والخبرة.
من يدّعون الموالاة ليسوا أكثر حرصا على البلد من الإصلاحيين وإن كانوا يظنون ذلك، واستمرارهم بلعب هذا الدور إنما يعبر عن إلغاء للعقل والمنطق الذي يرفض انتهاك حقوق الإنسان وكرامته وإنسانيته من خلال قيم كرستها سنوات من غياب الحرية والديمقراطية الحقيقية، فلا تغيّبوا عقولكم لان الإصلاح قادم رغم حراككم الرافض له.
من يقفون اليوم في وجه الاصلاح يضرون بالمصالح العليا، لأنهم يخدمون أجندة "إبقاء الحال على ما هو عليه"، حماية لمصالحهم وإحكام قبضتهم أكثر على الحياة العامة.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة