الحكومة تؤكد أن دعم المحروقات والمشتقات النفطية يرتفع ويرهق الموازنة أكثر، والكلام الرسمي حول هذه القضية ليس دقيقا؛ إذ يتوجب على الحكومة أن تقول إن إيرادات الخزينة من هذه السلعة تراجعت خلال الأشهر الماضية نتيجة تثبيت الأسعار.
والحقيقة أن الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية لم تتغير، وما يزال المستهلك يدفع ضرائب تصل نسبتها إلى 40 % على بنزين 95، و25% على بنزين 90، لكن يحق للحكومة القول إنها تدعم أسطوانة الغاز، وتعلن عجزها عن وقف الاستخدام غير المشروع للغاز المدعوم.
الأرقام الرسمية تؤكد أن المساعدات العربية خلال الفترة الماضية أسهمت بسد عجز الموازنة، لكنها لم تتحدث قط عن ديون شركة توليد الكهرباء والتي تقدر بحوالي 522 مليون دينار حتى تموز (يوليو) الماضي، لم تسدد بعد ويجري الالتفاف عليها حتى لا تصبح جزءا من العجز المتنامي للموازنة والمديونية.
الحكومة لم تعلن بعد عن تراجع إيراداتها عن المقدر في مشروع قانون الموازنة العامة بمئات ملايين الدنانير، ما يعني أيضا عجزا إضافيا في موازنة الدولة، حيث يبقى المواطن تائها في لعبة الأرقام.
كما أن الحكومة التي تصدر قرارات الإعفاء من الضريبة لجهات بعينها، لم تخبرنا أيضا عن حجم خسائر الخزينة من الموارد المالية من هذا الباب، وهي بأمسّ الحاجة إليها.
الطامة الكبرى أن الحكومة تعلن وبشكل مستمر عن وجود خطة تنفيذية ستطبقها خلال الفترة 2011 – 2013، لكن المتتبع يكتشف للأسف أن الخطة لم تعد سوى آلية للحصول على المنح وليس الارتقاء بمستوى معيشته.
وتجد الفرد يصطدم بأن نصيبه من الدين ارتفع ليصل إلى 2000 دينار، وهو لم يأخذ بالحسبان بعد مديونية المشاريع الكبرى التي تسعى وزارة التخطيط لتمويلها من قروض قيمتها بالمليارات، وتؤكد أنها ليست دينا جديدا وأنها لا تلتف على قانون الدين، فكم سيصبح دينه بعد ذلك؟
في الوقت ذاته يشهد المواطن الكشف عن ملفات فساد تكشف أن بعض المسؤولين استخدموا الموقع العام لشراء المشروبات الروحية وتسديد فواتير خاصة وشراء مجوهرات لزوجاتهم وغيره، فكيف له أن يستوعب توجه الحكومة لاستخدام البطاقة الذكية لتخفيف كلف دعم "العيش" والغاز؟؟
وكيف يتأكد من جدية ضبط النفقات عندما يعاني من توقف شركة النقل الوحيدة في عمان عن تقديم هذه الخدمة بدون أدنى شعور بالمسؤولية تجاه المجتمع، رغم الدعم الكبير الذي تلقته الشركة في سنوات سابقة، وهو لا ينسى مشروع الباص سريع التردد الذي أمرت الحكومة بإيقافه بعد أن أُنفق عليه نحو 160 مليون دينار لأن الدراسات لم تعد بشكل لائق قبل البدء بالمشروع الذي يبدو أنه غير قابل للتنفيذ.
وليس مستغربا لدى المواطن أن شركات المساهمة العامة التي استثمر فيها أمواله مارست كل أشكال الفساد، وارتكبت مخالفات ليس لها أول من آخر، وضيعت أموال الناس على مرأى من الحكومة بدون حساب أو عقاب أو حتى رقابة تحمي أموالهم.
كثيرة هي التشوهات التي أرهقت الناس، وقبل أن يوقع عليهم اللوم على الحكومة إصلاح جميع أخطاء المرحلة السابقة، للبدء من جديد في مشروع إصلاح اقتصادي يقتنع الناس بتطبيقه، خوفا منهم على البلد وليس تسديدا لأخطاء جهات أخرى. والخلاص من التشوهات التي تتحدث عنها الحكومة في الموازنة العامة ممكن بعد أن تصلح كل أخطاء الماضي، إذ ليس من المنطق أن يظل المواطن هو من يدفع الثمن فحسب!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد جمانة غنيمات صحافة